تعرض عدد من الصحفيين في إيران للاعتقال أثناء تغطيتهم الاحتجاجات التي شهدتها البلاد والتي اندلعت في سبتمبر/أيلول الماضي بعد وفاة الشابة مهسا أميني أثناء اعتقالها لدى شرطة الآداب في طهران، ومن بين الصحفيين الذين تعرضوا للاحتجاز الصحفيتان إلهة محمدي ونيلوفر حامدي.
بدأت الاثنين محاكمة الصحافية الإيرانية إلهه محمدي التي أوقفت بعد تغطية وفاة #مهسا_أميني في أيلول/سبتمبر، على ما أفاد محاميها. ومثلت إلهه محمدي (36 عاما) أمام محكمة في طهران في الجلسة الأولى لمحاكمتها التي أقيمت خلف أبواب مغلقة.https://t.co/HUABaIl1Xp #فرانس_برس pic.twitter.com/vGMJkbBjT2
— فرانس برس بالعربية (@AFPar) May 29, 2023
اتهامات أمنية
وفي مؤتمر صحفي عقد في أبريل/نيسان الماضي أعلن المتحدث الرسمي باسم السلطة القضائية في إيران مسعود ستايشي عن توجيه لائحة اتهام ضد إلهة محمدي ونيلوفر حامدي، وتعملان مراسلتين لصحيفتي “هم ميهن” و”شرق” المحسوبتين على التيار الإصلاحي.
وتضمنت اللائحة اتهامات بـ”التعاون مع الحكومة الأميركية المعادية، والتجمع والتآمر لارتكاب جريمة ضد الأمن القومي، والنشاط الدعائي ضد النظام”.
وأكد ستايشي أن قضيتهما أرسلت إلى الفرع الـ15 من “محكمة الثورة” في طهران.
وقالت صحيفة “شرق” إن الصحفيتين كانتا تمارسان عملهما المهني، وكل ما قامتا به هو متابعة تشييع الشابة مهسا أميني، إذ حضرتا في مراسم دفنها من أجل التغطية الصحفية في إطار مهمة عمل للمؤسسة التي تعمل فيها كل منهما.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس تحرير صحيفة “شرق” مهدي رحمانيان للجزيرة نت أن إلهة محمدي كانت قد توجهت إلى مدينة سقز لتغطية مراسم دفن مهسا أميني وإعداد تقرير صحفي بناء على طلب رسمي من الصحيفة التي تعمل فيها، مؤكدا أن هذا “ليس جريمة”.
وفي ما يخص ما قيل بشأن نيلوفر حامدي إنها أول من نشرت صورة مهسا أميني في المستشفى مما فجر غضب الشارع، يقول رحمانيان إن “نيلوفر ليست أول من نشر الصورة، وإن كانت فعلت ذلك فهذا ليس جرما”.
المحكمة الأصعب
بدورها، تقول المحامية الإيرانية شيماء قوشة إن القضاء وجه إلى الصحفيتين تهمة “التعاون مع الحكومة الأميركية المعادية”، وأوضحت أن نيلوفر كانت قد شاركت في دورة صحفية تدريبية نظمتها منظمة أجنبية غير حكومية و”هذا مخالف للاتهام بالتعاون مع دول معادية”.
وفي السياق ذاته، تقول قوشة للجزيرة نت “بناء على تصريح لوزارة الخارجية فإن إيران ليست في حالة عداء مع أي بلد آخر لأن الأصل في العداء هو الحرب، وحتى في ما يخص إسرائيل فإن إيران لا تعترف بها كدولة أساسا”.
وفي اعتراضها على تحويل القضية إلى “محكمة الثورة”، قالت المحامية قوشة إن هذه المحكمة مختصة بالقضايا الأمنية.
وتضيف “لو تم تعامل مع هذا القضايا على أنها قضايا صحفية أو حتى سياسية لما حولت إلى محكمة الثورة، لكن يتعامل القضاء معها على أنها أمنية، وهذا ما يزيد الأمر تعقيدا”.
وتبين المحامية أن الفرع الـ15 من محكمة الثورة “معروف بمحاكمه الأصعب والأقسى على مستوى إيران”، مضيفة “لذلك، لا أتوقع أي تساهل مع إلهة ونيلوفر، ولكن أتمنى تبرئتهما من تهمة “التعاون مع الحكومة الأميركية المعادية”.
جلسات مغلقة
وبعد أكثر من 8 أشهر من توقيفهما عُقدت الجلسات الأولى لمحاكمة الصحفيتين الإيرانيتين يومي الاثنين والثلاثاء 29 و30 مايو/أيار الماضي بشكل مغلق، مما أثار حفيظة المجتمع الإيراني.
ومن ردود الأفعال التي لاقت انتشارا واسعا حديث صالح نيكبخت الخبير القانوني الإيراني ومحامي عائلة مهسا أميني بعد وفاتها، حيث علق على هذه المحكمة قائلا إنها “الأكثر غرابة بعد محاكمة صادق خلخالي (أول مدع عام في إيران بعد انتصار الثورة عام 1979) الذي وصفت محاكمته بالقاسية، لأن هاتين الصحفيتين لم تقوما بأي عمل سوى رسالتهما المهنية وكتابة تقارير عن وفاة مهسا أميني”.
بدوره، يقول المحلل السياسي الإيراني أحمد زيد آبادي إنه “لو كانت التهم الموجهة إلى إلهة محمدي ونيلوفر حامدي مبنية على أدلة ووثائق حقيقية لما توجس القضاء من إقامة محكمة علنية”.
من جهة أخرى، هاجمت صحيفة “كيهان” الأصولية المعارضين لعقد جلسات محاكمة مغلقة للصحفيتين.
وبعد الجلسة الأولى لمحكمة إلهة محمدي بساعات قليلة قال محاميها المعتمد شهاب ميرلوحي إنه لم يُسمح له بالدفاع عنها إطلاقا.
وسارعت وكالة “ميزان” التابعة للسلطة القضائية بالرد على تصريح المحامي، وقالت إن “الجلسة الأولى خصصت لقراءة لائحة الاتهام وشرحها، وأيضا أخذ الدفاع الأولي للمتهم”.
واشتد الصراع بين الأصوليين والإصلاحيين الإيرانيين بشأن هذه القضية بعد الجلسات الأولى لمحاكمة الصحفيتين.
ومن جديد، عادت قضية الاحتجاجات إلى الواجهة، فتصاعد الجدل بين أصولي يراهما تهديدا للأمن القومي وإصلاحي غاضب يتهم السلطات بخلق ملفات أمنية فاقدة للمصداقية.
المصدر : الجزيرة