تعد رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة رئيسة الحكومة الأطول فترة حكم في العالم، إذ حكمت بلادها على مدى عقدين من الزمان ويتوقع فوزها في الانتخابات التي ستجري مطلع العام المقبل.
وقد قادت -خلال عقدين لها في رئاسة الوزراء- جهود حكومتها للتخفيف من حدة الفقر في بلادها التي يبلغ عدد سكانها 170 مليون نسمة، وتمكنت تلك الجهود من رفع متوسط نمو الناتج المحلي السنوي الإجمالي بنسبة 7% في معظم تلك الفترة.
لكن الماضي المأساوي لحسينة، التي أطلقت عليها مجلة “إيكونوميست” (Economist) لقب “امرأة آسيا الحديدية”، وأثره في الطريقة التي تدير بها شؤون البلاد، قد يلقي بظلال قاتمة على الانتخابات التي ستجري في بنغلاديش مطلع العام المقبل.
قادت حسينة حزبها “رابطة عوامي” للفوز في 4 انتخابات 3 منها متتالية، متفوقة بذلك على ما حققته كل من رئيسة وزراء الهند الراحلة إنديرا غاندي ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر.
همّ يؤرق البنغاليين
خلال مقابلة أجرتها معها إيكونوميست، ردت رئيسة وزراء بنغلاديش على سؤال بشأن طموحاتها التي لم تتحقق بعد، بأنها تطمح للقضاء على الجوع والفقر في بلدها وجعله دولة متقدمة، لكنها سرعان ما خرجت عن الموضوع فجأة، وسألت المراسل “هل يمكنك أن تتخيل أنهم قتلوا والدي؟”، مشيرة بذلك إلى ماضيها المأساوي الذي يلقي بظلاله على حياتها المهنية.
وأضافت وعيناها تغرورقان بالدموع “لقد قتلوا أخي وأمي وأخي الآخر الذي لم يتجاوز عمره 10 سنوات، وشقيقتَي زوجي، وعمي الوحيد المعاق!”.
اختارت حسينة أن تبدأ المقابلة بالحديث عن حادثة اغتيال والدها، مؤسس بنغلاديش ورئيسها السابق الشيخ مجيب الرحمن، الذي اغتاله ضباط بنغاليون يوم 15 أغسطس/آب 1975 كما اغتالوا جميع أفراد أسرتها، ونجت هي وشقيقتها ريحانة لوجودهما آنذاك خارج البلاد.
ويرى مراسل إيكونوميست -الذي أجرى معها المقابلة- أن السؤال الذي يؤرق البنغاليين الآن هو إذا ما كانت مشاعر زعيمتهم جراء الظلم الذي تعرضت له والشعور باستحقاق المنصب، لكونها من عائلة حكمت البلاد من قبل قد أصبحت تشكل تهديدًا لإرثها ومستقبل بلادهم.
قمع ومصادرة للحريات
ويقول المراسل إنه “لا يوجد سياسي يحب النقد. لكن رئيسة الوزراء تنزعج من أدنى إشارة إلى أن سجلها غير مثالي. وترد على ذلك سريعا بانتقادات نارية لكل الحكومات التي حكمت بنغلاديش تقريبا باستثناء حكومتها هي”.
قبل إعادة انتخاب حسينة رئيسة للوزراء عام 2008، تعاقب على حكم البلاد حزبها والحزب الوطني البنغالي المعروف اختصارا بـ “بي إن بي” (bnp)، الذي ترأسه السياسية القوية خالدة ضياء.
ويشير تقرير المجلة إلى أن مؤسسات الدولة، بما في ذلك وسائل الإعلام والشرطة والمحاكم، كانت تتمتع بمستوى جيد من الاستقلال في الفترة التي شهدت تداول الأحزاب السياسية على السلطة.
لكن خالدة ضياء الآن تخضع للإقامة الجبرية بين الحين والآخر، وتتعرض للملاحقة هي ونشطاء حزبها، في حين تتعرض وسائل الإعلام للمضايقة والتخويف، وخضع كل من الشرطة ونظام القضاء -اللذين أصبحا أكثر الهيئات فسادًا في البلاد- لحزب الشيخة حسينة، وفق تقرير المجلة.
ورغم زعم رئيسة وزراء بنغلاديش -خلال المقابلة- التزامها بحرية الانتخابات، فإنها قالت إنه ينبغي السماح فقط “للأحزاب السياسية الحقيقية” بالمشاركة في الانتخابات، وإن خصومها لا يتحلون بتلك المعايير.
وحسب المجلة، فقد اتهمت الشيخة حسينة الحزب الوطني البنغالي، الذي تم تشكيله في ظل حكم الجيش قبل نصف قرن، بأنه “شكل على نحو غير قانوني من قبل حاكم عسكري”.
كما زعمت أن قادة أكبر حزب إسلامي في البلاد “جميعهم تقريبا مجرمو حرب.” وأضافت أن “من وجهة نظرنا لا يوجد حزب (تنطبق عليه تلك المعايير) يمكنه حقًا أن يخوض الانتخابات”.
ويخلص تقرير المجلة إلى أن استشراف مآلات الأمور في بنغلاديش أمر صعب في ظل هذا الوضع، فرئيسة الوزراء -التي تؤكد أنها لا تنوي ترك المنصب والتقاعد- تزداد دكتاتورية، كما تزداد مشاعر الاستياء من حكمها بين الشعب، في حين تحذر منظمات حقوقية من أن الانتخابات المقبلة ستشهد أعمال عنف.
المصدر : إيكونوميست