No Result
View All Result
توعدت إسرائيل بالقضاء على حركة حماس في هجوم لا هوادة فيه على قطاع غزة. الحرب الآن في قطاع غزة لا مثيل لها في ضراوتها، وهي بخلاف أي شيء نفذته إسرائيل في الماضي، إذ استدعت 350 ألف جندي من جنود الاحتياط، استعداداً للعملية البرية، وقصفت القطاع دون توقف في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتزايدت الدعوات خلال الأيام الأخيرة إلى وقف إطلاق النار، حيث دعا أمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وقادة عرب، إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وحثوا على التوصل إلى حل سلمي. لكن وكما يبدو، تلك الدعوات لم ولن يتم الاستماع إليها حالياً، لا من إسرائيل ولا من الولايات المتحدة، فما حصل في اليومين الماضيين من تصعيد كبير في الهجمات لا يوحي بأن تل أبيب وواشنطن في وارد التراجع.
وعليه، حتى هذه اللحظة، لا توجد نهاية واضحة لهذه الحرب في الأفق. ولا أحد يعرف كيف ستنتهي. ولكن على الرغم من ذلك لا تزال كل الخيارات متاحةً، وهناك سيناريوهات محددة قد تكون نهاية الحرب واحدةً منها.
أهداف إسرائيل من الحرب
لحرب إسرائيل على غزة مجموعة أهداف إستراتيجية وسياسية، تم الإعلان عنها بشكل واضح من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والقادة العسكريين وتطرق إليها المُحللون والمراقبون في إسرائيل.
قائمة الأهداف التي رسمتها إسرائيل، والتي تسعى إلى تحقيقها، خاصةً في ما يتعلق بالقضاء على حماس، تنذر باحتمال توسيع الحرب وإدخال أطراف أخرى في الصراع، وهو ما من شأنه أن يجعلها حرباً إقليميةً
يرى الدكتور كيفن بنسون، وهو عقيد متقاعد من الجيش الأمريكي تولى القيادة من مستوى السرية إلى مستوى الكتيبة، وعمل ضابط أركان عاماً من الفيلق إلى الجيش الميداني، في مقاله المنشور في معهد “الحرب الحديثة” للدراسات، أن “الهدف الرئيسي لإسرائيل هو أن تصبح غزة لا تشكل تهديداً عليها مرةً أخرى، ولذلك تم رسم أهداف عسكرية تتثمل في القضاء على حماس، وزعزعة استقرار حماس وعزلها وتدميرها وتقديم الدعم لحكومة جديدة ذات قاعدة عريضة في غزة. والأهم هو تدمير القدرة العسكرية والبنية التحتية لحماس، ومحاسبة كل من تورط في هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وتحرير الرهائن”.
ويتفق مع هذه الرؤية المحلل الإسرائيلي يوأف ليمور، في مقاله المنشور في صحيفة “إسرائيل اليوم”، إذ يرى أن “الحرب في غزة ستستمر لأشهر عدة، وستستهدف الهجوم على البنى التحتية العملانية والحكومية لحماس”، وتدمير ذراعها العسكرية، وشل قدرتها على السيطرة على غزة، وذلك لتحسين الشروط العملانية لتحرير الأسرى، أو على الأقل، الحصول على معلومات عن مكان وجودهم، وعن أوضاعهم، فضلاً عن القضاء على القيادة العسكرية والسياسية للحركة”.
ويزعم بأنه، “حتى الآن، جرى القضاء على 4 من 20 عضواً في مجلس الشورى لدى حماس، وبعض القادة من رتبة متوسطة، ومسؤولين رفيعي المستوى، أبرزهم أيمن نوفل، رئيس شعبة الاستخبارات لدى الحركة وقائد المعسكر الأوسط، ونائب استخبارات حماس والمخطط لهجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وشادي بارود الذراع اليمنى ليحيي السنوار”.
لكن، برأيه، “من الواضح في إسرائيل أن العملية يجب أن تنتهي، قبل كل شيء، بالقضاء على الثلاثي الكبير في الحركة: يحيى السنوار، ومحمد ضيف، ومروان عيسى”.
من جهته، يرصد اللواء السابق في الجيش الإسرائيلي يعقوب عميدور، في مقاله المنشور في موقع القناة العبرية 12، أن “نهاية هذه الحرب تتوقف على تحقيق أهداف على ثلاثة مستويات: المستوى الأول، حماية المستوطنين الإسرائيليين في بلدات غلاف غزة لاحقاً، وهذا يتطلب ضرب قدرات حركة حماس العسكرية بصورة جسيمة، بطريقة تجعلها غير قادرة على العودة، بصفتها تنظيماً لديه قدرات عسكرية بعد انتهاء الحرب”.
ويضيف: “المستوى الثاني، يتعلق بمكانة إسرائيل في الشرق الأوسط، واستعادة قدرة الردع الإسرائيلية في جميع أرجاء الإقليم. لهذا الغرض، يجب أن يكون نجاح الجيش الإسرائيلي قاطعاً حتى يدرك الجميع في شتى أرجاء الشرق الأوسط، أن إسرائيل لديها خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها في أي حال. كما يتمثل المستوى الثالث في أهمية الحرب على المستوى الدولي، وكيف ستنتهي، فهل ستنتهي بتصاعد قوى الحلف بقيادة إيران وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، وحلفائهم من القوى العظمى، أم أن التحالف الذي يضم الولايات المتحدة وإسرائيل، سيكون هو المنتصر؟”.
وتتفق حكومة الحرب (المستوى السياسي)، والجيش الإسرائيلي (المستوى العسكري)، على “ضرورة توجيه ضربة موجعة لحماس”، لكن لا يزال نتنياهو يتردد بسبب مخاوف من وضع القطاع بعد إسقاط حماس، بينما ترى القيادات العسكرية أنه من الضروري القضاء على حماس بشكل نهائي، وهذه الفكرة من ضمن أسباب تعطيل “العملية البرية”، التي يدفع إليها الجيش بينما الاعتبارات السياسية تجعل حكومة نتنياهو مترددةً.
هل تتحول إلى حرب إقليمية؟
قائمة الأهداف التي رسمتها إسرائيل، والتي تسعى إلى تحقيقها، خاصةً في ما يتعلق بالقضاء على حماس، تنذر باحتمال توسيع الحرب وإدخال أطراف أخرى في الصراع، وهو ما من شأنه أن يجعلها حرباً إقليميةً.
اللواء السابق في الجيش الإسرائيلي يعقوب عميدور، يقول إن “نهاية هذه الحرب تتوقف على تحقيق أهداف على ثلاثة مستويات”، أولها “حماية المستوطنين الإسرائيليين في بلدات غلاف غزة لاحقاً”، وثانيها “يتعلق بمكانة إسرائيل في الشرق الأوسط، واستعادة قدرة الردع الإسرائيلية في جميع أرجاء الإقليم”، وثالثها “أهمية الحرب على المستوى الدولي، وكيف ستنتهي”
فضرب حماس بقوة، قد يدفع حزب الله وحليفته إيران، إلى فتح جبهات جديدة كبرى لدعم حماس. وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، قد حذّر من احتمال اتخاذ إجراء “وقائي” ضد إسرائيل، إذا نفذت غزوّها البرّي لغزة. وقال إن إيران لن تراقب من على الهامش إذا فشلت الولايات المتحدة في كبح جماح إسرائيل.
حتى هذه اللحظة، وعلى الرغم من تبادل إطلاق الصواريخ بين حزب الله وإسرائيل، تشير التقديرات لدى كل من إسرائيل وإيران والولايات المتحدة إلى التوجه نحو تجنّب حرب موسعة. فإسرائيل مشغولة بردها العسكري في غزة، ومن المرجح أن إيران تريد تجنب صدام محتمل مع الولايات المتحدة، وواشنطن ليست مهتمةً بنشوب صراع إقليمي مزعزع للاستقرار من شأنه أن يعطل أسواق النفط، ويلفت الانتباه عن الحرب.
فيما يواجه حزب الله، تحدياته الخاصة في لبنان، حيث قد تؤدي حرب جديدة مع إسرائيل إلى تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، وهي الرؤية التي طرحتها الباحثة داسا كي، في موقع “فورين أفيرز”. لكن، على الرغم من التوقعات بعدم توسيع الحرب، إلا أن حجم الهجمات التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة، والحقائق على الأرض، قد تعمل بالفعل على تغيير الحسابات الإستراتيجية للجهات الفاعلة الرئيسية، وقد يؤدي هذا إلى زيادة احتمالات التصعيد الإقليمي.
كيف قد تنتهي الحرب؟
كما يبدو، فإن إسرائيل ليست لديها إستراتيجية واضحة حول كيفية إنهاء هذه الحرب، فقيامها بمجرد عملية عسكرية عقابية، وتدمير حماس ثم مغادرة غزة، لن يخدم سياسة الولايات المتحدة أو الحكومة الإسرائيلية، مع حقيقة أن لا أحد لديه تصور عن كيفية إنهاء الحرب أو عن الوضع في القطاع في اليوم التالي لإسقاط حماس، في حال حصل هذا الأمر، وهو مُستبعد إلى الآن لأسباب وعوامل كثيرة.
وقال مسؤولون إسرائيليون لوكالة رويترز للأنباء إنه “ليست لديهم فكرة واضحة عما قد يبدو عليه مستقبل ما بعد الحرب”، فيما قال مصدر في واشنطن مطلع على الأمر إن “بعض مساعدي الرئيس الأمريكي جو بايدن يشعرون بالقلق من أنه على الرغم من أن إسرائيل قد تضع خطةً فعالةً لتدمير حماس، إلا أنها لم تضع بعد إستراتيجية خروج”، كما يشعر المسؤولون العرب بالقلق أيضاً من أن إسرائيل لم تضع خطةً واضحةً لمستقبل القطاع الذي تحكمه حماس منذ عام 2006، ويسكنه 2.3 ملايين شخص.
وقال تساحي هنجبي، مدير مجلس الأمن القومي الإسرائيلي: “نحن بالطبع نفكر ونتعامل مع هذا الأمر، وهذا يتضمن تقييمات ويشمل مجلس الأمن القومي والجيش وآخرين بشأن الوضع النهائي، ولا نعرف ما سيكون هذا على وجه اليقين”.
ووفقاً لكل التحليلات التي تُكتب حول الحرب ومستقبلها، يبدو أن هناك ثلاثة سيناريوهات عن كيفية انتهائها؛ السيناريو الأول حرب طويلة الأمد، أي أن إسرائيل تقرر التورط في قطاع غزة لفترة طويلة من الزمن إلى حين تحقيق الأهداف السابق ذكرها، وهو السيناريو الأرجح حتى الآن.
السيناريو الثاني، هو إعلان وقف إطلاق النار في مقابل إطلاق سراح كل الرهائن المحتجزين، ومن المشكوك فيه أن تفرج حماس عن كل الرهائن دفعةً واحدةً لما يشكلونه من ذخر إستراتيجي لها، والهدف كان مقايضتهم بالأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ويُعدّ هذا السيناريو هزيمةً واضحةً لإسرائيل ومن المشكوك أن تقدم عليه.
أما السيناريو الثالث، فأن تنفذ إسرائيل عمليةً كبيرةً يمكن أن تسوّقها بين شعبها كنصر، ومن بعدها يتم وقف إطلاق النار، مثل عملية لتحرير الرهائن على غرار عملية “عنتيني” (في أوغندا عام 1976)، أو اغتيال قيادات الصف الأول من حركة حماس، ولا يزال هذا السيناريو وارداً بنسبة ليست قليلةً.
ولكن ماذا عن الوضع في القطاع بعد الحرب؟ يبدو أن أمام إسرائيل ثلاثة سيناريوهات اذا ما حققت فوزا عسكريا:
السيناريو الأول، احتلال القطاع وحكم عسكري على مليوني مواطن. إسرائيل فعلت هذا في الماضي، لكن الأمر ينطوي على كلفة اقتصادية عالية. وحتى هذه اللحظة لا يبدو أنه السيناريو المرجح، لأن الحكومة الإسرائيلية تزعم بأنها لا تريد العودة إلى احتلال القطاع مرةً أخرى.
السيناريو الثاني، القضاء على حماس وعودة السلطة الفلسطينية لتحكم القطاع، وهكذا توقف إسرائيل عزل الساحات بين الضفة والقطاع، ولكن بالنسبة لإسرائيل فإن وضعاً كهذا سيخلق ثقلاً سياسياً في كل ما يتعلق بمسألة الدولتين، وسيكون من الصعب عليها لاحقا “التحجج” بالانقسام الفلسطيني، وعدم وجود شريك للسلام من أجل وقف مباحثات السلام، فولا يزال هذا السيناريو يمثل إشكاليةً لها.
السيناريو الثالث، هو أن تدير قوة دولية القطاع بدعم مالي عربي، على نمط المساعدة القطرية لحماس، وهو السيناريو المفضّل لإسرائيل، فبهذه الطريقة سيتحمّل مسؤولية القطاع طرف ثالث، وسيتم إشراك أطراف أخرى في المنطقة.
المصدر: رصيف22
No Result
View All Result