لا يزال 500 شخص في عداد المفقودين بعد غرق قارب قرابة السواحل اليونانية، فيما تؤكد الأنباء المتوالية تورط خفر السواحل اليوناني بغرق قارب المهاجرين الذي كان على متنه 750 شخصا من سوريا وفلسطين وباكستان وأفريقيا.
وتحدث ناجون من الغرق لوسائل إعلام عربية ودولية أن الكارثة حدثت عندما قام القارب التابع للسلطات اليونانية بربط مركب المهاجرين بحبل، وعند محاولة جره انقلب، ليبتعد قارب النجاة لمسافة بعيدة دون محاولة إنقاذ الركاب الذين سقطوا جميعا في مياه البحر، حسب ما ذكره موقع “الجزيرة نت”.
وفي البداية، قال خفر السواحل اليوناني إنه أبقى على “مسافة مناسبة” بينه وبين القارب. لكن صحيفة كاثيميريني اليونانية نقلت بعد ذلك عن أحد المصادر قوله إن أفرادا من خفر السواحل ربطوا حبلًا بالقارب حتى يتمكن الخفر من التحقق من الظروف، بعدها قام أشخاص كانوا على متنه بفك ذلك الحبل ليواصلوا الرحلة إيطاليا.
وقال المتحدث باسم الحكومة إلياس سياكانتاريس الجمعة إن خفر السواحل “استخدموا حبلًا لتثبيت أنفسهم والاقتراب من القارب لمعرفة ما إذا كان ركابه يريدون أي مساعدة”.
ونفى المسؤول اليوناني أن تكون تلك القوات قد قامت بأي محاولات لسحب القارب أو تقييده لأي فترة من الوقت، وقال إنه “لم يكن هناك حبل إرساء”.
وأضاف: “لقد رفضوا ذلك وقالوا ‘لا نريد مساعدة من أحد، سوف نذهب إلى إيطاليا’ ومضوا في طريقهم”.
وكانت ناشطة لاجئة أول من أثار مسألة ما إذا كان حبل قد رُبط بقارب المهاجرين، بعد أن قالت إن الأشخاص الذين كانوا على متن القارب أخبروها أنهم يخشون أن يؤدي ذلك الربط إلى انقلاب القارب.
ورداً على ذلك قال خفر السواحل اليوناني أن قارب الدورية الخاص به ألقى لبضع دقائق “حبلًا صغيرًا على قارب الصيد (للاقتراب منه) لمعرفة الوضع على متنه وأوضاع الركاب””، مشيرا الى أن “بعض من كانوا على متن القارب بفك الحبل لمواصلة طريقهم شمالًا إلى إيطاليا و”ابتعدت الدورية لتراقب من مسافة مناسبة”، وفق ما نشرته “بي بي سي” عربية.
وفي تفاصيل المأساة قال مصدر خاص لقناة سورية إن المركب توقف في المياه الإقليمية بين اليونان وإيطاليا ومالطة لمدة يومين، وإن سفينة لخفر السواحل الإيطالي كانت على مقربة من المركب وسفينة أخرى لمالطا، لكن من زودهم بالمياه هي ناقلة نفط كانت تبحر بقربهم.
وفي اليوم الثاني زودهم خفر السواحل المالطي بماء وطعام وتسبب تجمع المهاجرين على جانب واحد من المركب بميلانه وكاد يغرق، وفي نهاية اليوم اقتربت منهم سفينة عسكرية يونانية أقنعهم طاقمها بتشغيل محرك المركب واللحاق بهم إلى السواحل اليونانية.
ووفق ما نقله موقع تلفزيون سوريا عن المصدر الذي تحدث لناجين فإن خلافا نشب بين المهاجرين على الوجهة التي يجب أن يبحر باتجاهها المركب.. اليونان أم إيطاليا؟! لأن هناك ناشطين من منظمات في إيطاليا يتواصلون معهم عبر الهاتف وأقنعوهم بأن الخفر الإيطالي سيأتي لإنقاذهم.
وبعد تحرك المركب خلف السفينة اليونانية لمسافة قصيرة تعطل، فرمى طاقم السفينة الحربية الصغيرة (بحسب ما وصفها الناجون) حبلا تم ربطه بالمركب وجره بقوة ما تسبب بقلبه وغرق معظم من كان على متنه.
وذكر أحد الناجين لموقع الجزيرة نت” أن “كثيرين لم يتمكنوا من مغادرة المركب عند انقلابه، وخاصة أولئك الذين كانوا بالطابق السفلي، وأن خفر السواحل تأخروا في الوصول إليهم، وأنهم لم يقوموا بعمليات بحث تحت الماء، مكتفين بانتشال الطافين فوق سطح الماء فقط”.
ومنذ أن وقعت هذه المأساة، هناك نفي للتسلسل الزمني لما حدث والرواية الخاصة به. وشدد خفر السواحل على أنه منذ اللحظة الأولى كان على اتصال مع الطاقم، ولم تُطلب أي مساعدة، كما رفض طاقم القارب المزيد من العروض المتكررة للمساعدة.
وأرسلت ألارم فون، وهي منظمة تقدم الدعم للمهاجرين في البحر، رسالة بريد إلكتروني بعد ظهر الثلاثاء الماضي تحذر فيها خفر السواحل وغيرهم من أن ما يصل إلى 750 شخصًا على متن القارب وأنهم يطلبون المساعدة العاجلة.
وحسب موقع بي بي سي فقد أشارت روايتان لناجين من الحادث إلى أن ربط حبل بقارب الصيد ربما كان السبب وراء غرقه.
وكان مصدر أحد الروايتين هو مسؤول في المجلس المحلي في مدينة كالاماتا الساحلية اليونانية الذي تحدث في وقت سابق إلى سوري يبلغ من العمر 24 عامًا.
وقال تاسوس بوليكرونوبولوس: “قام قارب خفر السواحل بربطهم ببعض الحبال وحاول جرهم إلى اليسار. ولسبب غير معروف انحرف القارب إلى اليمين وغرق فجأة”.
وقدم أحد الناجين رواية مماثلة لرئيس الوزراء السابق أليكسيس تسيبراس خلال زيارة إلى كالاماتا الخميس.
وقال مترجم لتسيبراس: “طلب خفر السواحل اليوناني من السفينة أن تتبعهم، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك. ثم ألقى خفر السواحل بحبل ولكن لأنهم لم يعرفوا كيفية السحب بالحبل، بدأ القارب يتمايل لليمين واليسار”.
وأضاف: “كان قارب خفر السواحل يتحرك بسرعة كبيرة ولكن القارب كانت يميل بالفعل إلى اليسار، وهكذا غرق”.
وكان مركب المهاجرين يحمل 750 طالب لجوء قد انطلق من ساحل مدينة طبرق الليبية يوم الجمعة 9 يونيو/حزيران الجاري، قاصداً إيطاليا. إلا أن خللاً ما أدى إلى انحراف مساره حتى وصل إلى شواطئ اليونان، وبالقرب من جزيرة كالاماتا انقلب وغرق معظم من على متنه.
وأقلت السلطات اليونانية 104 ناجين بينما تم انتشال نحو 80 جثة، وأعلنت أن قرابة 550 شخصا مصيرهم مجهول محذرة من ارتفاع عدد الضحايا.
وكانت النسبة العظمى من مستقلي المركب من جنسيات عربية وأفريقية، والعدد الأكبر كان من السوريين، ولكن لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد الركاب أو جنسياتهم، وبحسب خبراء فإن المركب كان يحمل 5 أضعاف الحد الأقصى لحمولته من الركاب. وقد وصل العديد من ذوي الضحايا صباح اليوم التالي إلى جزيرة كالاماتا، من دول أوروبية عدة للبحث عن ذويهم.
وشدد المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ماثيو سالتمارس على أهمية التحقيق باحتمالية حدوث إهمال في كارثة غرق قارب مهاجرين غير نظاميين قبل يومين قبالة شبه جزيرة مورا اليونانية.
المصدر: بي بي سي + الجزيرة نت + تلفزيون سوريا