No Result
View All Result
منين انتِ؟ قبل كل شيء كان يُطرح علي هذا السؤال، قبل التعرف على اسمي، دراستي او حتى وظيفتي، ولا أدري ما أهمية إلقاء هذا السؤال طالما وأن السائل يعرف انني يمنية، لم يهتم بمعرفة من أنا بالتحديد؟ وإن عرف الإجابة هل ستشجعه لطرح مزيداً من الاسئلة التي ستقود إلى فتح باب للدردشة بطبيعة الحال، أم أن الإجابة ستجعله يقف عند ذلك الحد من الكلام؟
كان هذا السؤال يوجه إلي دائما عندما كنت في مصر استكمل دراسة الماجستير في الصحافة، سوى كنت في الجامعة او في المرافق الخاصة او الحكومية اليمنية او المصرية على حد سواء، فما ان يسمع احد أفراد الجالية اليمنية لكنتي “طريقة تحدثي” حتى يُبادر في طرح السؤال (منين أنتِ)؟
ألا يكفي أن أكون يمنية كي تقرر بدئ حديث معي او مساعدتي؟! ألا تكفينا الهوية الواحدة أم لا بد من طرح المزيد من التحديد والتقسيم، فعندما كنت أخبرهم بإسم مدينتي تأتي على الفور عبارة التصنيف ( شمالية – جنوبية) لِمَ ينبغي علي أن أكون من أحد الشطرين ولا أكون منهما الإثنين معا.
وقفت عند هذا السؤال مراراً عندما كان يلقى علي في الجامعة من قبل طالبات التعليم العالي “قسم الإعلام” كنت اجيب عليه وبي شيئاً من الأسى؛ تحول ذلك الشعور في يوماً ما الى خجل واستياء عندما كنت في إحدى فعاليات الطلاب المبتعثين، كان من بين الحاضرين زميل من الشمال والاخر من الجنوب.
بمجرد أن أفصح كلاً منهما عن مدينته نشب بينهما نقاشٌ حاد افضى إلى خلاف كبير، استرجعا خلاله التاريخ مروراً بأحداثه، كان كلاً منهما يتهكم على الأخر بطريقة استثارة استهجان بقية الزملاء العرب.
السؤال ( منين أنت) يتخطى حدود التعارف ويتسع لشمل اعتبارات أخرى؛ فطبيب الاسنان الذي زرته ذات يوم عندما اضطررت لخلع احد الاضراس، حدثني عن مدى الضيق الذي ينتابه عندما يسأله أحد المرضى من اين أنت؟ لا سيما وأن شعور المريض بالإطمئنان للطبيب من عدمه يترتب على الإجابة التي سينطق بها.
يستغرب الطبيب، وأنا أيضاً، من الحرب التي نفثت رياحها في معظم نواحي الحياة حتى وصلت إلى أماكن بعيدة عن السياسة، كعيادة الاطباء ومجالس النساء التي لا تخلو من هذا السؤال، بل يكون هو اول ما يُبدأ به أحاديثهن، ليتبعه الشعور بالألفة والانسجام لمن يشتركن في ذات الإجابة.
No Result
View All Result