No Result
View All Result
خلال فترة حياتي كنت دائما أدافع عن الأقليات، وجاء الوقت الذي أصبحت فيه أعاني من نزعة عنصرية مرعبة في حياتي اليومية حيث أجد نفسي أواجه تعصباً من نوع ما، يطغى على الخطاب و على أسلوب الحديث حتى على أسلوب إلقاء التحية وعلى الفرح والحزن و الصواب والخطأ، يكاد يكون هناك تعصب في كل شيء، إن لم يكن في كل ما حولي.
في بلد يحرض كل طرف ضد الآخر على أسس عرقية مع غياب كامل للعقل وإدراك الخطورة البالغة من هذا السقوط الوشيك لمشروع السلام الذي أحلم به أنا وجميع اليمنيين، التمييز والعنصرية التي باتت تتجلى اليوم وبشدة، وتطحن النسيج الاجتماعي للجمهورية اليمنية، الذي بدأت مأساتها قبل سنوات طويلة من مآسي بلدان الربيع العربي، أقحمت الناس في دوائر الفقر والعوز والتجويع والتشريد، فقد صنعت جيلاً يخفق بالكراهية والأحقاد ويلهج بمنطق الطائفية والمناطقية والعرقية على سبيل التعصب ولا شيء غير التعصب.
فقد تأثر بشكل مباشر من ذلك الانقسام الذي غذاه خطاب كراهية متزايد أدى إلى أحداث مأساوية ودامية ومتواصلة، ولم يلبث الوضع في اليمن أن يهدأ قليلًا حتى يعود إلى الاشتعال من جديد، ووجد الإنسان اليمني نفسه أسير تغيرات عاصفة على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والمذهبية وحتى الفنية.
حيث أصبح كل طرف من تلك الأطراف اليوم يمتلك وسائله الإعلامية الخاصة به التقليدية منها والإلكترونية التي تضخ خطاباً ينسجم مع توجه تلك الأطراف تجاه الأطراف الأخرى بصيغة الهجوم المباشر والتخوين والتكفير، وأدى ذلك الخطاب إلى كثير من الانعكاسات السلبية في المجتمع اليمني الذي شهد أحداثاً متلاحقة اجتماعيًا سقط ضحيتها كثيرون، وهم في الأساس ضحايا ذلك الخطاب الديني المتطرف والمبني على التحريض ورفض الرأي الآخر كمحاولة لتشويه مبادئ الدين واستغلاله من أجل السيطرة على آراء الناس وتوجيه سلوكهم.
وبما أنّ للإعلام تأثيرًا على الرأي العام، يلجأ بعض المحرضين إلى نشر الفكر المتشدد وتأصيله في العقول عبر استخدام وسائل الاتصال الحديثة لنشر الرسائل الضارة والمحرّضة، لاسيما مع تطور الإعلام من المنابر والخطابة وإمكانية وصول الرسائل لجمهور أكبر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
وبهذه الحالة، يتحوّل الدين الذي يحمل الرسائل الإيجابية التي تشجع على السلام والتعايش وقبول الآخر، إلى سلاح التطرف والقتل ومحاولة السيطرة على عقول الناس عبر رسائل التحريض والكراهية التي يتبناها القائمون عليه.
وكان لا بد من وجود خطاب إيجابي مضاد لذلك الخطاب السلبي يتجه إلى تعزيز ثقافة السلام وتهيئة الأجواء لها، ووجود جيل واعي ونشطاء لا ينتمون لأي طرف، لكي يجسدوا مبدئي التعايش وقبول الآخر داخل المجتمعات، من أجل الحفاظ على النسيج الاجتماعي في الجمهورية اليمنية.
No Result
View All Result