لقرون وعقود طويلة، تعايشت الأغلبية المسلمة في اليمن مع الأقلية اليهودية، وعُومل يهود اليمن كونهم مواطنين ينتمون إلى هذا البلد، فقد اندمجوا مع عادات وتقاليد المجتمع وأصبحوا جزءًا منها، امتلكوا الأراضي والمواشي وتميزوا بالمهن الحرفية، وسُميت بعض الأسواق الشعبية بأسماء يهود، وكانت هجرة معظمهم إلى فلسطين منتصف القرن الماضي، طواعيةً.
كان يهود اليمن يتحدثون فيما بينهم بالعبرية، ويستخدمونها في طقوسهم الدينية والاجتماعية، بينما يتعاملون مع الآخرين ومع الجهات الرسمية باللغة العربية والعامية الدارجة.
اعتنق بعض يهود اليمن الاسلام، واختار البقية، البقاء على اليهودية، و مارسوا طقوسهم المختلفة، بكل حرية.
وبشكل عام، لم يتعرض أبناء الطائفة اليهودية، خلال الفترة الطويلة التي عاشوها في اليمن للاضطهاد من قبل أفراد المجتمع، كما لم تمارس ضدهم العنصرية، كما هو حال الكثير من الأقليات حول العالم الآن، لكن هناك من تعرضوا للمضايقات والظلم، وخاصةً خلال فترة حكم الإمامة في اليمن، التي طالت انتهاكاتها كل أفراد المجتمع بما فيهم اليهود.
مقابر اليهود الذين عاشوا ودفنوا في مناطق ريدة بعمران وفي أرحب التابعة لمحافظة صنعاء، لم تتعرض لأي اعتداء أو نبش، لأن للقبور عند المسلمين حرمتها، وإن كانت قبور يهود.
تعايش مع الأحياء والأموات
مع نهاية أربعينيات القرن الماضي هاجر غالبية يهود اليمن طواعيةً إلى فلسطين تلبية للوعد المزعوم بـ ”أرض الميعاد” عبر الرحلة التي سميت آنذاك ”بساط الريح” ، ترك يهود اليمن خلفهم إرثاً ومالاً في المناطق التي ولدوا وعاشوا معظم حياتهم فيها، ومما بقى من أثرهم، مقابر موتاهم التي يقال انها ”ممتلئة بالكنوز”، وفق المعتقدات الشعبية.
بحسب هذا الاعتقاد الذي ساد بين الناس؛ كان حينها إذا مات المواطن اليهودي في اليمن، دفن مع ممتلكاته والجواهر الثمينة التي يمتلكها المصنوعة من الذهب والفضة، حتى قيل بأن قبور موتى يهود في مناطق مثل عمران وضواحي صنعاء شمال اليمن، تعرضت للنبش، بعد مغادرة اليهود إلى إسرائيل فما حقيقة ذلك؟.
في محافظة عمران شمال العاصمة صنعاء، حيث عاش أغلب يهود اليمن هناك، وتحديداً في مديرية ”ريدة” تواصلت ”خيوط” مع مصدرين محليين، لمعرفة حقيقة تعرض مقابر اليهود للاعتداء والنبش بحثًا عن الكنوز المزعومة.
المصدر الأول أكد لـ ”خيوط” بأن مقابر اليهود الذين عاشوا هناك لسنوات طويلة، ودفنوا في مناطق ريدة بعمران وفي أرحب التابعة لمحافظة صنعاء، لم تتعرض لأي اعتداء أو نبش، لأن للقبور عند المسلمين حرمتها، وإن كانت قبور يهود.
وأوضح المصدر بأن ما حدث لبعض مقابر اليهود القديمة جداً في ريدة التي كانت قد طُمرت و اختفت معالمها، هو أن الأهالي اكتشفوها بالصدفة، بسبب أعمال انشائية، كالبناء والحفريات وشق الطرقات؛ فعثر الناس على بقايا قبور، ومن خلال بعض المقتنيات، عرفوا أنها تعود لليهود؛ لكن لم يحدث أن تم نبش القبور بطريقة متعمدة.
المصدر الآخر، بدى غير متأكداً من رواية نبش قبور يهود اليمن لكنه قال لخيوط: ”بحسب ما سمعناه من أشخاص عاشوا في فترة تواجد اليهود بعمران؛ فإن قبور قديمة لليهود نُبشت” ويُعقب: ”لكن لا نعلم هل عُثر على كنوز في تلك المقابر أم لا؟ ، لم نحصل على اجابات واضحة من كبار السن، حول هذا الأمر ”.
في العام 2022م قامت السلطات في العاصمة المؤقتة عدن جنوب اليمن بترميم مقبرة قديمة للطائفة اليهودية التي عاشت هناك فترة طويلة من الزمن، في مبادرة قال القائمون عليها أنها رسالة بأن عدن مدينة سلام ولن تقبل أي ضرر لأي موقع مقدس
عادوا لنبش قبور أجدادهم !
في قرية بريف جبلة التابعة لمحافظة إب وسط اليمن، صورة أخرى توضح تعايش اليمنيين مع المواطنين اليهود سواءً كانوا احياءً أم امواتاً ،حيث لم يعتد سكان هذه القرية على مقبرة قديمة لليهود، تقول رواية متداولة بين الأهالي نقلها لـ ”خيوط” الدكتور محمد سبأ الباحث في التراث الثقافي: ”أن يهود اليمن كانوا يُخفون كنوزهم و أشيائهم الثمينة في ”مدافن” عميقة منفصلة (المدفن حفرة عميقة في الأرض يستخدمها اليمنيون لتخزين المحاصيل الزراعية وادخارها لوقت الحاجة). توضيحًا لهذه الرواية، حدث في هذه القرية أن من مجموعة من يهود اليمن الشباب عادوا إليها بصفتهم سائحين بعد سنوات من رحيل آبائهم وأجدادهم عنها. ووفق الأهالي توجه الشُبان اليهود ليلاً إلى المقبرة الواقعة في رأس جبل يعرفها سكان القرية على أنها مقبرة لليهود، وفي الصباح وجد الناس آثار حفر ونبش، واكتشفوا أنها لم تكن قبوراً وبحسب كما يظنون، بل مدافن كبيرة، مرجحين أن يكون اليهود قد أخفوا فيها كنوزاً، قبل هجرتهم الى إسرائيل، منتصف القرن الماضي، وعادوا بأبنائهم لأخذها.
في العام 2022م قامت السلطات في العاصمة المؤقتة عدن جنوب اليمن بترميم مقبرة قديمة للطائفة اليهودية التي عاشت هناك فترة طويلة من الزمن، في مبادرة قال القائمون عليها أنها رسالة بأن عدن مدينة سلام ولن تقبل أي ضرر لأي موقع مقدس، وهذه المقبرة اليهودية في عدن موجودة منذ أكثر من 160 عامًا ويُعتقد بأنها تضم مئات القبور التابعة لأفراد مجتمع لم يعد موجودًا.
كان في قرية بضواحي عتق بشبوة سكان يهود، وكان أبناء القرية متعايشون معهم ويحبون بعضهم إلا أن اليهود كانوا لا يأكلون بعضًا من أكل المسلمين لاعتبارات دينية، بينما المسلمون، إذا ذهبوا عند اليهود يأكلون من الضيافة التي تقدم لهم
حكايات شمعة اليهودية
كان بعض يهود اليمن بطبيعتهم انعزاليين، وفق ما قاله الناس في اليمن لخيوط، لكن وعلى الرغم من ذلك، حاول اليمنيون في مناطق عدة التعايش معهم ودمجهم في المجتمع، وكَوَنوا صداقات مشتركة.
تنقل ”خيوط” عن مجموعة من اليمنيين أمثلة للتعايش والمشاركة المجتمعية وتبادل الزيارات مع يهود اليمن، وشيئًا مما جاء في حكايات الجدات والأجداد لأبنائهم وأحفادهم. يقول يوسف الحميري: ”في قريتنا بمنطقة المخادر بمحافظة إب، قالت جدتي أنهم كانوا يذهبون عند اليهود واليهود يأتون عندهم في المناسبات، وكان لجدتي، صديقة يهودية اسمها (شمعة) كن يلعبن معًا في طفولتهن.. وفي المخادر كانت بيوت اليهود منخفضة عن البيوت الأخرى، يعلق يوسف قائلاً:” وانا ابحث عن سبب ذلك، حصلت على نصوص من القرن الثامن الهجري، تذكر أن اليهود كانوا يحتمون ببيوتنا، كما جاء في كتاب ”السلوك في طبقات العلماء والملوك” للجندي.
وهذه ورد القطيبي تقول، كان لجدتها في ردفان صديقة يهودية اسمها (بذره) كانت طيبة وتعايشت معهم، وحين افترقا عن بعضهما، حزنت عليها كثيراً.
أما هناء عبد ربه فتقول: ”كان في قريتنا الواقعة في ضواحي عتق بشبوة سكان يهود، وكان أبناء القرية متعايشون معهم ويحبون بعضهم إلا أن اليهود كانوا لا يأكلون بعضًا من أكل المسلمين لاعتبارات دينية، بينما المسلمون، إذا ذهبوا عند اليهود يأكلون من الضيافة التي تقدم لهم”.
وإلى مديرية الرضمة بمحافظة إب, تُخبرنا زمردة، شيئًا من مظاهر التعايش مع يهود اليمن الذين سكنوا وعاشوا هناك تقول: ”جدتي كانت تحكي عن صديقاتها اليهوديات بأنهن حبوبات، وجميلات، ونظيفات، ورحيمات، وعيونهن كبار، كانت البنات المسلمات واليهوديات يلعبن سويةً وعزيزات على بعضهن جدًا” وتضيف:” ايوه كانوا متعايشين، كان اليهود على سبيل المثال يُسبِتون (يحتفلون أيام السبت) ويشربون الخمر، ولا أحد يتدخل بهم، وكانوا يتبادلون الطعام مع المسلمين ماعدا اللحم لا يأكلون منه، كانت بيوت اليهود قريبة من بيوت المسلمين وبنفس تفاصيل البناء، فمثلاً البيوت القديمة للمسلمين فيها أحزمة مكتوب عليها آيات قرآنية من الزجاج، ومثلها بيوت اليهود، ولكن كتابات يهودية من التوراة. كان يهود اليمن وفق ما سمعته زمردة ، يحتكرون بعض المهن، مثل صك الفضة والذهب والخياطة والنحاس والتجارة ولذلك كانوا مرتاحين ماديًا أكثر، وكانوا يدفنون الميت مع ذهبه.
وفي محافظة الضالع تحدث عبدالله ناجي أن جدة أمه أو والدة جدتها، كانت لديها صديقة يهودية، تمسكت بصداقتها رغم أن بعض الأقارب وقتها، مستائين من هكذا صداقة مع اليهود.
أفنان يحيى تقول: ”كان جيران جدتي يهود، يتزاورن بشكل خفيف، ولا يتدخل أحد بشؤون الآخر”. ومن صنعاء، تعلق أروى أحمد قائلة :”نعم متعايشين وكان بينهم جُورة وصُحبة جميلة واحترام متبادل”، كذلك ملكة الزين تقول: ”أكيد تعايشوا بسلام مئات السنين”.
الدكتور رضوان العبسي من تعز يتحدث: ”في قريتنا في الأعبوس، أخبرنا الأجداد أن اليهود كانوا يعيشون معهم مُتعايشين مُتحابين يحترمون بعضهم البعض، كلاً منهم يحترم عقيدة الآخر، حتى أنهم (أي اليهود) كانوا في نهار رمضان لا يأكلون أمام المسلمين”.
كان المواطن اليمني المسلم، يحضر مناسبات أخيه المواطن اليهودي، كالأعراس ونحوه، ويذهبون أيضًا لتقديم العزاء للأسر اليهودية التي يتوفى قريبها، وقد مارس يهود اليمن، طقوسهم المختلفة في الأفراح والأتراح، بحرية كاملة.
معًا في الأفراح والأحزان
وإلى شهاب الذي يتذكر أنه حضر حفل زفاف في صنعاء سنة ٢٠٠٢م وكان من ضمن المعازيم يهودي يمني.
سهيل ناصر يتحدث عن حُسن الجوار مع يهود اليمن الذين عاشوا في صنعاء، فيقول: ”اعرف قصص عن ناس يمنيين كُثُر كان أجدادهم مستأجرين منازل هي ملك لليهود في بعض أحياء صنعاء، وكانوا مُتحابين ويحترمون طقوس الآخرين في المناسبات، وقد اشتري بعض المستأجرين البيوت التي كانت لليهود بأسعار زهيدة مع حفظ الود بينهم؛ لأن اليهود وقتها كانوا مضطرين لبيعها قبل هجرتهم إلى إسرائيل”.
كان المواطن اليمني المسلم، يحضر مناسبات أخيه المواطن اليهودي، كالأعراس ونحوه، ويذهبون أيضًا لتقديم العزاء للأسر اليهودية التي يتوفى قريبها، وقد مارس يهود اليمن، طقوسهم المختلفة في الأفراح والأتراح، بحرية كاملة.
يعزز هذا الجانب ما ذكره كلاً من عدي شعلان وعبدالجبار الشميري. يقول شعلان: ”كان في تعايش كبير جداً خاصة في المناطق الريفية في محافظة تعز، وايضًا في عدن أيام الاحتلال البريطاني، لكن في بعض المناطق التي حكمتها الإمامة انعزل اليهود بأنفسهم، بسبب التحريض والإشاعات التي كان أتباع الإمام يروجونها عن اليمنيين اليهود.
أما الشميري فيقول: ”في تعز كان اليهود و أجدادنا يقطنون قرى مشتركة و يتجاورون و يتبادلون الزيارات ويتشاركون الأفراح و المناسبات، باستثناء بعض الطقوس الدينية التي تفرض عليهم عدم المشاركة، مثل عدم تشارك لحم الذبائح و او دخول المساجد ونحوه” ويُضيف: ”نعم كانوا كما حكى لنا الأجداد يتشاركون مع اليهود كل شيء ويتبادلون أصناف الطعام والمساعدات، تمامًا كما يحدث بين الجيران المسلمين، وما زالت بقايا و أطلال بيوت اليهود التي تركوها ماثلة وسط بيوت أجدادنا المتلاصقة ببعضها”.
ابو يقين اليماني يقول :”نعم كنا نحضر أفراحهم وعزاهم ونأكل ونشرب ونخزن معهم، وإذا ذكرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، يصلون عليه معنا، سلام الله عليهم”.
ومن أشكال التعاون يذكر حلمي (اسم مستعار) ”أن صاحب والده كان اسمه، يوسف اليهودي، وهو والد حاخام يهودي حاليًا، بحسب قوله، كان يوسف اليهودي صديق مقرب جداً لوالده، وفي إحدى المرات احتاج اليهودي، مالاً فوضع مسدسه الشخصي رهنًا، وبعد سنوات أعاد المال وأخذ مسدسه”.
لم يقتصر الأمر على هذا وحسب؛ بل أن بعض الحكايات القديمة تنقلها الجدات اللواتي سمعنها من اليهود الذين كانوا يتنقلون بين القرى لشراء الفضة من النساء تقول أن هناك من تزوج من يهوديات، ويهود أسلموا وتزوجوا من مسلمات وهكذا.
كان الناس في القرى التي يوجد فيها يهود، يتبادلون الخبز واللحوح واللبن، معظم نساء القبائل يحصلن يوم الجمعة في كل أسبوع، على اللحوح والخبز من بيوت الجيران اليهود، وبالمقابل يقمن بإرسال اللبن والحليب لمنازل اليهود المجاورة
يتبادلون الخبز واللبن
سيف عزاني، يتحدث عن مظاهر أخرى للتعايش مع يهود اليمن، يقول: ”كان الناس في القرى التي يوجد فيها يهود، يتبادلون الخبز واللحوح واللبن، معظم نساء القبائل يحصلن يوم الجمعة في كل أسبوع، على اللحوح والخبز من بيوت الجيران اليهود، وبالمقابل يقمن بإرسال اللبن والحليب لمنازل اليهود المجاورة، ووصل التعاون بينهم إلى حد أن المغنيات والفنانات اليهوديات، كُن يقُمن بالغناء والعزف على ”التَنك” (أواني منزلية وعلب فارغة ) ويُحيّين الحفلات في مناسبات الزفاف، بدون مقابل”.
عمر الحياني يقول ايضًا عن يهود اليمن: ”كانوا حق شغل وحرفة وتجارة، يتعاملون بشكل طبيعي مع اليمنيين ومتحابين معهم، وكانت أخلاقهم رائعة ً”.
أما عائشة بو عسكر من حضرموت، فلها رأي مختلف تقول: ”المجتمعات اليهودية بطبيعتها منعزلة ومنغلقة على نفسها، لا أعتقد أنه كان يحصل زيارات متبادلة، وإن حصل فهو بشكل محدود جداً”. محمد مهيوب يقول ايضًا إن اليهود بطبيعتهم انعزاليين.
وهذا السلفي أحد أبناء مديرية ريدة بمحافظة عمران والتي سكنها اليهود حتى وقت قريب، يقول ردًا على أن يهود اليمن كانوا منعزلين :”عندنا في ريده كنا نعيش مع اليهود كأسرة واحدة يأتون عندنا ونذهب عندهم، ونأكل ونشرب مع بعضنا”.
كذلك وليد الزهري الذي يقول:”سكن اليهود في قريتنا وقرى مجاورة، كان أكبرهم يدعى (حييم) وكان بينهم وبين اجدادنا إخاء وزيارات متبادلة”.
الاعلامية أمل العامري، تشرح من زاوية مختلفة فتقول:”إذا تتبعنا صورًا قديمة من بداية القرن العشرين، سنجد أن صنعاء، وتعز، وإب، وعدن كانت مليئة باليهود اليمنيين ومتعايشين طبيعي، ولم تظهر العنصرية إلا مع حكم الإمامة السلالية التي طالبت بخروجهم وحصرهم في مناطق معينة خوفاً من انتزاع الحكم وعودته لهم-وفق تعبير أمل- التى ترى أن اليهود بشكل عام هم يمنيون الأصل، حافظوا على معتقدهم بالتوراة ولم يتركوها كباقي اليمنيين الذين دخلوا الاسلام، وأن التوراة اساساً خرجت من اليمن ونقوش المسند اثبتت أن اليمنيين بعهد سبأ وحمير كانوا هم بني إسرائيل.
”المعروف والشائع أن أصحاب الديانات الوثنية من (اليمنيين القدامى) في فترة ما قبل الإسلام كانوا يدفنون الشخص ومعه ممتلكاته على أساس اعتقادهم بالبعث والحياة الاخرى، حيث يظنون أنهم سيبعثون بذات الهيئة التي ماتوا عليها
اعتقاد اليهود بالبعث
الاعتقاد السائد بأن يهود اليمن دفنوا موتاهم ومعهم أموالهم وممتلكاتهم؛ صحيح، يقول مصدر محلي بمحافظة عمران لخيوط: ”فبحسب ظن اليهود فإن الإنسان بعد موته يُبعث بنفس الهيئة التي مات عليها، وهذا موجود في معتقدات اليهود القدماء، واستمروا في ذلك حتى بعد الإسلام وإلى ما قبل هجرتهم من اليمن إلى اسرائيل منتصف القرن الماضي”.
ويُضيف: ”لكن الفرق هو أن اليهود الوثنيين من اليمنيين القدماء قبل الاسلام كانوا يدفنون الموتى وإلى جوارهم أغلب أدواتهم واغراضهم الثمينة من الذهب والفضة وحتى ”المدائع” التي كانوا يشربونها دفنت معهم، وقد وجد الناس في منطقة ريدة وبسبب الحفريات وأعمال البناء بقايا مدائع وجرات (جمع جرة) مصنوعة من الفضة والنحاس ، أما اليهود الذين عاشوا في اليمن خلال القرن الماضي ، فكانوا يدفنون مع الميت القليل من الأشياء الخاصة المتعلقة بهن كالخواتم والأساور، وليس كما كان يفعله يهود ما قبل الإسلام”.
في حديثه لـ ”خيوط” يؤكد الباحث في التراث والتاريخ اليمني أحمد العرامي وجود اعتقاد شعبي سائد في اليمن حول أن اليهود كانوا يدفنون الأموال والمجوهرات مع الموتى يقول: ”المعروف والشائع أن أصحاب الديانات الوثنية من (اليمنيين القدامى) في فترة ما قبل الإسلام كانوا يدفنون الشخص ومعه ممتلكاته على أساس اعتقادهم بالبعث والحياة الاخرى، حيث يظنون أنهم سيبعثون بذات الهيئة التي ماتوا عليها, وبحسب العرامي قد يكون المقصود بـ ”يهود اليمن الذين كانوا يدفنون الأموال مع الموتى”، هم اليمنيين القدماء قبل الإسلام ”الوثنيين” ، لأن ذلك في معتقدهم.
علي حرازي مهتم بتقاليد الطائفة اليهودية نفى أن يكون يهود اليمن دفنوا الكنوز مع الموتى في مقابرهم القديمة، ورد قائلاً : ”لا، لم اسمع بذلك”. يتفق معه فريق من اليمنيين الذين ينظرون للأمر على أنه مجرد مزاعم وشائعات.
وخلال السنوات الخمس الاخيرة لم يبق في اليمن سوى عدد محدود جداً من اليهود، ووفق تقرير للأمم المتحدة صدر في فبراير 2022م فإن من تبقى من يهود اليمن، في اليمن بضعة أشخاص لا يتجاوز عددهم السبعة.
أقل من 7 يهود في اليمن
في أوائل القرن العشرين كان في اليمن أكثر من 50 ألف مواطن يهودي، ولكن بين عامي 1949 و 1950 ، جلبت إسرائيل ما يقرب من 49000 يهودي يمني إلى الدولة العبرية، أما القلة القليلة المتبقية، فغادرت اليمن الى اسرائيل على فترات زمنية متفرقة.
وحتى عام 2016م، كان في اليمن قرابة 50 يهودياً عاشوا في قرى ناعط وخارف وريدة في محافظة عمران، وفي دماج بصعدة وفي ارحب بصنعاء، وفي ذلك العام قال ”سعيد اليهودي” وهو يمني يهودي اشتهر بهذا الاسم، عاش في ريدة بعمران انه ”كان يتواجد في السوق الجديد في منطقة ريدة تسعة أشخاص يهود فقط، هو وأبناؤه الثلاثة وزوجته ووالدته، وامرأة يهودية وأخيها، وآخر عاش وحيداً في الكنيس، بالإضافة الى أربع أسر يهودية في المدينة السياحية بصنعاء، وزوج وزوجته في منطقة أرحب”.
وخلال السنوات الخمس الاخيرة لم يبق في اليمن سوى عدد محدود جداً من اليهود، ووفق تقرير للأمم المتحدة صدر في فبراير 2022م فإن من تبقى من يهود اليمن، في اليمن بضعة أشخاص لا يتجاوز عددهم السبعة.
المصدر: خيوط