ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن أقلية الإيغور في الصين تواجه إبادة ثقافية تهدف إلى أن تحل ثقافة ولغة قومية “الهان” محل ثقافة الإيغور ولغتهم، ويتم ذلك باجتثاث لغتهم ومحاصرة مواقعهم الفكرية والثقافية، وحتى سجنهم.
وتنفي الصين باستمرار التقارير التي تتحدث عن انتهاك حقوق أقلية الإيغور المسلمة.
ويرى مقال واشنطن بوست أنه رغم ادعاء الصين بأنها “دولة قائمة على القانون”، فإن الواقع يكشف عن إطار يستغل القانون لقمع الرأي السياسي، ويتجلى ذلك في حكم السجن مدى الحياة لراحيل داوود (57 عاما)، وهي باحثة إيغورية مختصة بمجال الإثنوغرافيا، ومن أبرز المدافعين عن ثقافة وتراث الإيغور على الصعيد العالمي.
ووفقا لتقرير الصحيفة، فقد درست راحيل في سنجان، وبعد حصولها على درجة الدكتوراه في الخارج عادت إلى الجامعة وأسست مركزا للفلكلور هناك، كما قامت بإلقاء محاضرات في جامعات مثل جامعة هارفارد وجامعة كورنيل وجامعة كولومبيا البريطانية.
تهمة الانفصال
وعام 2018، حوكمت راحيل بتهمة التحريض على “الانفصال”، التي تعتبرها الصين تهديدا لأمن الدولة، وقدمت الباحثة طلب استئناف بعد إدانتها، ولكن تم رفضه.
وبعد سنوات من التحقيقات، صرحت مؤسسة دوي هوا (مجموعة في سان فرانسيسكو تسعى لضمان حرية السجناء السياسيين الصينيين) يوم 21 سبتمبر/أيلول الجاري بأنه تم الحكم على راحيل بالسجن مدى الحياة، وذلك وفقًا لمصدر صيني حكومي موثوق به، ويلفت التقرير إلى أن تفاصيل المحاكمة التي أدت لهذا الحكم القاسي لا تزال غامضة.
ويرى تقرير الصحيفة الأميركية أن حالة راحيل ما هي إلا دليل آخر على محاولات الحكومة الصينية لإبادة ثقافة الإيغور، إذ استهدفت حكومة الصين رؤوس الثقافة والهوية في الجماعات الإيغورية والكازاخية والقرغيزية، واعتقلت أكثر من 312 منهم حتى نهاية عام 2021.
وأضافت واشنطن بوست أن قمع ثقافة الإيغور وهويتهم بدأ بعد هجوم على سوق في جنوب سنجان مايو/أيار 2014 أسفر عن مقتل 31 شخصا، وبناء عليه، تم اتهام الإيغور بتهمة “الانفصال”.
نفي مستمر
وفي السياق، تعهد زعيم الصين شي جين بينغ بالقضاء على التطرف الديني، وتضمن ذلك إنشاء معسكرات محصنة لإعادة تعليم الإيغور واحتجاز أكثر من مليون فرد فيها، إضافة إلى إجبار شعب الإيغور على العمل القسري، واتخاذ جهود اتخذتها الدولة لقمع معدل الولادة لدى الإيغور.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن الصين نفت منذ البداية وجود المعسكرات، وقدمت بعد ذلك تصريحا يؤكد أنها مراكز تعليم مهني، ولكن الأمم المتحدة كشفت العام الماضي عن أدلة قوية تشير إلى التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى، التي من المرجح أن تشكل “جرائم ضد الإنسانية”.
ورغم الإدانة الدولية لهذه الأفعال، فإن الصين تستمر في إنكار حدوث أي انتهاكات لحقوق الإنسان في سنجان، وفقا لتقرير واشنطن بوست، حتى أن شي جين بينغ زار سنجان في أغسطس/آب الماضي، وطالب مسؤولي المنطقة مرة أخرى بتحقيق “السيطرة الفعالة على الأنشطة الدينية غير القانونية”.
ومن جهتها، ردت الولايات المتحدة بإصدار قوانين مثل قانون حقوق الإنسان للإيغور عام 2020، وقانون منع العمل القسري للإيغور عام 2021، بهدف معاقبة انتهاكات الصين لحقوق الإنسان ومنع استيراد المنتجات التي تم إنتاجها باستخدام العمل القسري في سنجان.
ودعا التقرير إلى فرض عقوبات على المسؤولين الصينيين المتورطين في الإبادة الثقافية وقطع استيراد البضائع المرتبط إنتاجها بهذه الانتهاكات في سنجان، بهدف محاسبة الصين على أفعالها وحماية حقوق شعب الإيغور.
المصدر/ واشنطن بوست