No Result
View All Result
أمي عندها مشكلة معي! دائمًا تقول لي: “أنت تمام بكل شيء، ولكن ليش ما تصلي؟” وأحاول أفهمّها وجهة نظري حول الصلاة، لكنها لا تهتم بما أقوله، وترجع تدعي لي بالهداية. نصحني صديق أن “أكذب” عشان أمي ترتاح، قال: “قل لها إنك تصلي وخلاص، هي أيش عرّفها؟”!
وموضوع “أكذب” هو جزء من مفهومي حول الصلاة، لأن الصلاة هي صِلة بين الخالق والمخلوق، وهذه الصلة لا تنقطع لحظة، وليست محددة بأوقات معينة، أو بطقوس محددة، لأنها عبارة عن اتصال مباشر ومستمر، لا يحتاج إلى وضوء، ولا طهارة، ولا تأمل، ولا أي شيء، يحتاج فقط أن تراقب الله في أفعالك- سيما الأفعال والتصرفات مع الناس- يحتاج أن تكون غير مدّعٍ، وأقوالك لا تخالف أفعالك، ورغباتك لا تبنها على تطلعات الآخرين وأحلامهم.
أقصد بهذا إن تعاملاتك مع الناس هي الأسمى والأجدى.. الله موجود في كل مكان، وفي قلوب الجميع، وعندما تكسر قلب أحدهم، أنت هنا فعلت أمرًا جللًا، لأن العبادة هي المحبة، وهي الغاية المحبوبة لله، والتي ترضيه تمامًا، ولا شك إن الله لا يحب ولا يرضى أن تقوم بكسر قلب شخص خلقه مثلما خلقك، لأن هذا تعدٍ على الحدود الربانية، مهما وضعت لنفسك من مبررات تحاول بها التذاكي أو التحايل على ضميرك، المتصل بالله بشكل مباشر.
لا تكذب على أمك، ولا على أبوك، ولا على أي أحد، لا تستخدم الكذب كإسلوب لربط علاقاتك بالآخرين.. لا تكسر قلب أحد، لا تظلم، لا تخدع، لا تسرق أو تتحايل، لا تخلف وعدًا قطعته على نفسك ولو مازحًا، لا تسيء تعاملاتك مع الآخرين، لا تقسوا على أطفالك أو من أنت مؤتمنًا عليهم، لا تخن أمانتك، لا تأكل حق الآخرين، وهناك الكثير من اللاءات التي قد توضع هنا، كل ذلك هي الصلاة الحقيقية المطلوبة منك، وليس الحفاظ على روتين يومي تقوم به، وصحيفتك مليئة بالمنكرات.
ورد في النص القرآني: “وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون” والعبادة كما تم تعريفها هي: “اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة” والمؤرخ والفقيه الليبي علي الصلابي قال: “دائرة العبادة التي خلق الله لها الإنسان وجعلها غايته في الحياة ومهمته في الأرض؛ دائرة رحبة واسعة: إنها تشمل شؤون الإنسان كلها، وتستوعب حياته جميعا، وتستغرق مناشطه، وأعماله كافة”.
وما كُتب هنا قد ناقشته مع أمي كثيرًا، لكنها لا تهتم، هي فقط تريدني أن أصلي، أن أركع وأسجد في أوقات معينة، تعتقد -كما يعتقد الكثير- إن ذلك كافٍ لتتجنب عقاب الله، وهو خطأ شائع، لأنها -أمي- كانت دائمًا في طفولتي تعلمني أن: “الدين المعاملة” ولم تقل لي يومًا:” الدين صلاة”!.
No Result
View All Result