روى طارق رسول أنّ الجيران المسلمين علّقوا بسرعة آيات قرآنية على أبواب منازل جيرانهم المسيحيين على أمل تجنّب حدوث أعمال عنف.
استيقظ القس جاويد بهاتي الذي يعيش في حيّ جارانوالا بشرق باكستان من النوم على صوت مكبّر الصوت في أحد المساجد يدعو إلى الاحتجاج إثر اتّهامات لمسيحيين بالتجديف، فجمع عائلته وركض إلى الشارع حيث كان جيرانه يلوذون أيضاً بالهرب. ومع انتشار الذعر في الحيّ، سارع المسلمون إلى الشوارع لتحذير جيرانهم وإيوائهم.
وقال بهاتي لوكالة فرانس برس الخميس غداة نزول مئات المسلمين إلى الشوارع وإحراقهم منازل لمسيحيين وكنائس إنّ “بعضهم كانوا يركض حافيا وبعضهم فرّ بعربات ريكاشة. لقد عمّت الفوضى المكان”.
وأضافت شقيقته نايلة بهاتي “كان الأطفال يصرخون +أركضوا أهربوا الشيوخ قادمون! سيهاجموننا+”.
ويعتبر التجديف من القضايا الحساسة في باكستان حيث قتلت حشود غاضبة أشخاصا اتّهموا بإهانة الإسلام أو النبي محمد.
والمسيحيون الذين يشكلون حوالى 2 في المئة من سكان باكستان يحتلون واحدة من أدنى درجات المجتمع في هذا البلد، وهم أهداف متكررة لمزاعم كاذبة بالتجديف.
📸بالصور : تقوم الشرطة بحراسة منطقة يشكل المسيحيون غالبية سكانها في وسط باكستان عقب إضرام مئات المسلمين النيران في كنائس وتخريبهم منازل بعد اتهامات لمسيحيين بالتجديف.
للمزيد https://t.co/M3nyqplb7k pic.twitter.com/PbF2mLmjMT— euronews عــربي (@euronewsar) August 17, 2023
ويعيش أكثر من خمسة آلاف شخص في الحي المسيحي في جارانوالا، معظمهم عمال نظافة يتقاضون أجورا زهيدة ويقيمون في منازل ضيقة يتقاسمها ما يصل إلى 18 شخصا من الأقارب.
ومع انتشار الذعر والفوضى في المكان، نزل سكان مسلمون لمساعدة جيرانهم المسيحيين.
وقال القسّ بهاتي “جاءت الحشود من خارج المنطقة، لكنّ المسلمين المحليين هنا ساعدونا وحاولوا إنقاذنا”.
آيات قرآنية
وروى طارق رسول من الشارع نفسه الذي هرع إليه بهاتي، أنّ الجيران المسلمين علّقوا بسرعة آيات قرآنية على أبواب منازل جيرانهم المسيحيين على أمل تجنّب حدوث أعمال عنف.
وقال رسول وهو رجل مسلم يبلغ 58 عاما لوكالة فرانس برس “كانت امرأتان تركضان. فتحت لهما باب منزلي وتركتهما تدخلان. كانتا قلقتين جداً لكنّني أرحتهما”.
وازداد عدد الحشود ومعه الغضب خلال اليوم، وقام المئات بأعمال شغب في الشوارع.
وبحلول الليل، كانت قد أُحرقت ونُهبت أربع كنائس وعشرات المنازل والمتاجر على الأقلّ، بحسب ما أفاد فريق من وكالة فرانس برس في مكان الحادث.
وفتح عمران قادري، وهو مسلم ملتح، منزله لامرأتين مسيحيتين.
وقال قادري وهو يقف إلى جانب بهاتي “ما زالتا في منزلنا. عائلتي ساعدتهما وقدّمت لهما الطعام وأمضتا الليلة معنا”.
وفرّت بارفين بيبي مع أفراد أسرتها الثمانية بعدما أيقظها أطفالها الصغار وهم يصرخون “المسلمون قادمون ليحرقوا منازلنا!”.
وتابعت بارفين التي كانت بصحبة زوجتَي ابنيها وأطفالها “أخذنا عربات ريكاشة للذهاب إلى جيراننا المسلمين. كان الباب مفتوحاً ودخلنا جميعا”.
وأضافت وقد وقفت بين أنقاض منزلها إنّ مضيفيها قالوا لها “لا تقلقي، أنت بأمان هنا”.
وقال لفرانس برس عدد من المسيحيين الذين عادوا إلى منازلهم الخميس لتفقّد الأضرار إنّ أكثر من 300 شخص فرّوا في الساعات الأولى من أعمال الشغب، لكنّ المئات ذهبوا ليل الأربعاء ويوم الخميس للبقاء مع أقاربهم في مدن أخرى.
وأوقفت الشرطة أكثر من 100 شخص يشتبه في ارتباطهم بأعمال العنف، فيما تبحث عن شقيقين مسيحيّين متّهمين بتدنيس القرآن.
ورغم تفريق الحشود الغاضبة وحراسة الحي الآن، فإنّ كثراً من سكانه ما زالوا يخشون العودة إليه.
وبالنسبة إلى القس بهاتي، فقد سببت العودة مزيدا من الألم لعائلته. وقال “لقد دُمّر منزلي. كان هذا كلّ ما أملكه. الآن كيف سنعيش هنا مجدداً؟”.
المصدر/ يورنيوز