ألقت الشرطة الإندونيسية القبض على داعية مسلم أمس الأربعاء، بتهمة التجديف والتحريض على الكراهية في آخر سلسلة من الإجراءات التي تدفع بأكبر دولة مسلمة في العالم إلى المضي في نهج محافظ ومتشدد.
وتعدّ مدرسة “الزيتون الإسلامية”، التابعة للداعية بانجي غوميلانغ (77 عاماً)، في مقاطعة جاوة الغربية وهي الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الأرخبيل الواقع في جنوب شرق آسيا، محل جدل من قبل الجماعات المحافظة على اعتبار أنّها “غير متوافقة مع القرآن”.
وقال أحمد رمضان، المتحدّث باسم الشرطة الوطنية ، للصحافة أنّ غوميلانغ “محتجز لمدّة 20 يوماً في مباني المباحث الجنائية على ذمّة التحقيق”.
ووفقا للتّهم الموجهة ضدّه، يواجه الداعية بانجي عقوبة بالسجن تصل إلى خمس سنوات بتهمة التجديف، وست سنوات بتهمة التحريض على الكراهية وعشر سنوات لنشر معلومات كاذبة والإخلال عن عمد بالنظام العام.
وفي خلفيّة الحدث، أثارت مدرسة “الزيتون الإسلامية” غضباً بعد نشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي في أواخر نيسان/أبريل يُظهر نساء يصلّين في الغرفة نفسها مع الرجال، اضافة إلى السماح لهنّ بإلقاء خطبة الجمعة وأن تصبحن أئمة، مخالفا بذلك كلّ المدارس الإسلامية الداخليّة.
وتظاهر الآلاف عدة مرات أمام المؤسسة للمطالبة بإغلاق المدرسة التي افتتحت في العام 1999، وتضمّ نحو 5 آلاف طالب، متّهَمة أيضاً بإقامة صِلات مع دار الإسلام، وهي حركة سياسية أرادت فرض دولة إسلامية بالقوة في إندونيسيا في الخمسينيات والستينيات.
“قوانين متشددة”
يشار إلى أنّه تمّ تجريم التجديف في القانون الإندونيسي منذ العام 1965، ولكن نادراً ما تم تطبيق هذا الإجراء قبل سقوط الديكتاتور سوهارتو في العام 1998، الذي كان يقوم بممارسات قمعية نسبياً تجاه الدين. هذا ما يعتبره نشطاء حقوقيين مقيّد لحرية التعبير وحرية العبادة.
في العام 2017، حُكم على حاكم جاكرتا السابق، وهو مسيحي من أصل صيني، بالسجن لمدة عامين بتهمة التجديف.
وكان البرلمان الإندونيسي صادق في 2022 على قانون عقوبات جديد شمل عدّة نقاط إشكالية بينها تجريم العلاقات الجنسية خارج الزواج ما أثار ردود فعل دولية وحقوقية داخلية.
وتجرم مواد أخرى من القانون، يقول مسؤولون إنها تهدف إلى ترسيخ “القيم الإندونيسية” في أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم، المساكنة قبل الزواج والترويج لوسائل منع الحمل للقصر والإجهاض لغير ضحايا الاغتصاب.
وندد نشطاء حقوق الإنسان بالقانون، قائلين إنها يقيد حرية التعبير ويضع الحرية الدينية تحت ضغط متزايد.
وقال أندرياس هارسونو من منظمة هيومن رايتس ووتش إن “قضية مدرسة الزيتون الإسلامية أحدث مثال على التمييز ضد الأقليات.
وأضاف “إذا تم اتهام رجل دين مسلم بارتكاب التجديف ضد الإسلام بسبب الترويج لحقوق المرأة، فلا بد أن هناك خطأ فادحاً في كل من قانون التجديف الإندونيسي والجماعات [الدينية] الرئيسية”.
تعترف إندونيسيا بست ديانات رسمية، لكن الاستخدام المتزايد لقانون التجديف يغذي المخاوف من تراجع الإسلام المعتدل وتعرّضه للضغط والتهديد من قبل متطرفين يزداد نفوذهم.
المصدر/ يورونيوز