يحتفل الملايين من الأكراد والفرس والبشتون والآذريين وغيرهم في 21 آذار/مارس من كل عام بعيد نوروز الذي يعني باللغتين الفارسية والكردية “اليوم الجديد”، ويعتبر عيد رأس السنة لدى هذه الأقوام.
ويعتبر نوروز، العيد الوحيد الذي تحتفي به قوميات وأديان وشعوب مختلفة عبر القارات. وهو عطلة رسمية في عدد من البلدان مثل إيران والعراق و قرغيزستان وأذربيجان، كما يُحتفل به في تركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان وكازاخستان ومقدونيا وجنوب القوقاز والقرم ومنطقة البلقان وكشمير وولاية كوجارات الهندية وشمال غرب الصين.
ومعظم المحتفين بنوروز، يعدونه عيداً دينياً أو ثقافياً منذ مئات السنين، لكنه أخذ طابعاً قومياً عند الأكراد, خاصة في العصر الحديث. إذ بات حدثاً سنوياً يؤكد من خلاله الأكراد هويتهم ومطالبهم وحقوقهم القومية والسياسية في كل من تركيا وإيران والعراق وسوريا.
ولم يُسمح بإحياء احتفالات نوروز في تركيا وسوريا حتى وقت قريب، لكن أكراد إيران والعراق كانوا أوفر حظاً من أقرانهم، لأن الإيرانيين أنفسهم يحتفلون به ولو بطقوس مختلفة، كما أن الأكراد في العراق عززوا الاحتفال به بعد حصولهم على الحكم الذاتي في إقليم كردستان العراق في سبعينيات القرن الماضي.
أما في كل من تركيا وسوريا فكانت الحكومات المتعاقبة تمنع الاحتفالات بشدة وتعتقل المشاركين فيها لدرجة أن كثيرين دفعوا حياتهم ثمناً لإحياء هذا اليوم، وخاصة في أوائل التسعينيات، عندما استخدمت المدرعات والرصاص الحي ضد المشاركين في الاحتفالات في مدينة جزرة الواقعة جنوب شرقي تركيا واعتقلت السلطات كثيرين حتى من هم دون سن الـ 18 عاماً.
وغالبا ما يكون المعتقلون ممن يشاركون بنشاط في احتفالات نوروز، كأن يكونوا من الفنانين مثلاً أو أحد أعضاء فرق الرقص الفلكلورية أو أحد منظمي الحفل أو ممن شارك في مسيرات سلمية ومسيرات مشاعل نوروز التي تسبق العيد بيوم أو حتى من يقومون بنقل المعدات كما شقيق ريبوار.
كيف انتشر نوروز عبر القارات؟
كان للقوافل التجارية التي استخدمت طريق الحرير (الطريق التجاري الذي ربط بين الصين وأوروبا وغرب آسيا) دوراً كبيراً في نقل أفكار ومعتقدات وثقافات وطقوس الأديان بين أبناء الامبراطوريات المتعاقبة وكان عيد نوروز من بين الأعياد التي انتشرت بين مختلف الشعوب عبر طريق الحرير.
يحتفل في الوقت الحالي ما يزيد عن 300 مليون شخص بهذا العيد حول العالم حسب منظمة اليونسكو التي أدرجت العيد في قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية في عام 2009.
لكن لم يكن نوروز دائماً محط ترحيب لدى السلطات والحكومات المتعاقبة على مر الزمن، فقد كان محظورا في العديد من البلدان لأسباب مختلفة منها قومية وأخرى دينية، لذا كانت تقام الاحتفالات بطريقة شبه سرية أو مستترة تحت اسم أي مناسبة أخرى.
ففي سوريا وتركيا على سبيل المثال، كان الاحتفال بنوروز ممنوعاً باعتباره عيداً قومياً كردياً يعزز من الروابط القومية الكردية ولأنه “يهدد أمن البلاد” كما كانت تدعي الحكومات سابقا.
لكن رغم ذلك كان الأكراد يقيمون الاحتفالات في ليلة نوروز بإطلاق المسيرات وإشعال النيران عند الغروب وسط إجراءات أمنية متشددة في المناطق ذات الغالبية الكردية في كل من تركيا وسوريا.
وغالبا ما ترافق ذلك باعتقالات للنشطاء والسياسيين والفنانيين ومنظمي الحفلات ومطلقي المسيرات وحتى حاملي المشاعل.
حظر ديني
أما في قرغيزستان وغيرها من الجمهوريات السوفياتية السابقة، فكان الاحتفال بنوروز ممنوعاً باعتباره عيدأ دينياً (يرجع إلى الديانة الزرادشتية)، لذا كانت مظاهر الاحتفال به محدودة إلى أن حصلت قرغيزستان وغيرها على استقلالها عام 1991؛ كما اعتبر بعض الأئمة الاحتفال بهذا العيد “منبوذاً” لأنه غير إسلامي وتقليد “للكفار”.