نشرت مجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) الأميركية مقال بارز ذكر فيه أن العلاقات بين الهند وإسرائيل في الوقت الحالي وثيقة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، مبرزا أن ثمة قاسما مشتركا بين الحكومتين الهندية والإسرائيلية وهو عداؤهما المعلن تجاه الأقليات، خاصة المسلمين.
وأوضح المقال أن هذه العلاقات الثنائية توطدت بشكل كبير منذ صعود رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ونظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى السلطة، مشيرا إلى أن هذا الارتباط سيمكّن الطرفين من القيام بدور أوسع في الشرق الأوسط، وفي الخليج العربي بشكل خاص.
وحسب المقال، فإن العلاقات بين الجانبين لطالما شابها التوجس؛ فالهند كانت لا تتحمس لدعم دولة تقوم على أساس ديني، بالإضافة إلى أنها كانت تتعاطف في علاقاتها الخارجية مع القضايا العربية.
مودي ونتنياهو
غير أن كل شيء تغير تدريجيا منذ سيطرة حزب بهاراتيا جاناتا على السلطة ومجيء مودي إلى سدة الحكم عام 2014؛ إذ توطدت العلاقات بين الطرفين وشملت مختلف المجالات؛ من الفلاحة والسياحة إلى التعاون الأمني والعسكري.
ونقل المقال عن الصحفي عيسى آزاد قوله إن الشراكة المتنامية بين الهند وإسرائيل تستند إلى تقارب وجهات النظر الأيديولوجية بخصوص التعامل مع الأقليات الإثنية، وذلك إلى جانب تبادل المصالح العسكرية والاقتصادية.
فالقاسم المشترك بين الحكومتين الهندية والإسرائيلية -حسب الكاتب- هو عداؤهما المعلن تجاه الأقليات؛ المسلمين في الهند، والعرب المسلمين في الغالب بإسرائيل.
ويرى آزاد -وهو محق في ذلك، حسب الكاتب- أنه رغم تشدق كل منهما بحرصه على الحفاظ على حقوق الأقليات، فإن كلا من مودي ونتنياهو يرغبان في تحويل بلديهما إلى ديمقراطيات عرقية تمنح الأفضلية للأغلبية الهندوسية في الهند واليهودية في إسرائيل.
جاء ذلك في كتاب أصدره آزاد مؤخرا حول الموضوع، وتحدث عنه مقال فورين بوليسي، وعنوانه “أوطان معادية: التحالف الجديد بين الهند وإسرائيل” (Hostile Homelands: The New Alliance Between India and Israel).
تحول كامل
وذكّر المقال بأن الهند كانت دائما متحفظة في علاقتها مع إسرائيل؛ إذ صوتت ضد خطة تقسيم فلسطين عام 1947، كما صوتت ضد قبول إسرائيل دولةً في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948، ولم تعترف بها إلا عام 1950، كما سمحت لها بإنشاء قنصلية في مومباي عام 1953، وظل التعاون معها محدودا وبشكل سري.
في المقابل، حرصت إسرائيل -كما يوضح التقرير- على تقديم إمدادات عسكرية مهمة إلى الهند، كما حدث في الحرب الحدودية مع الصين عام 1962، والحرب مع باكستان عامي 1965 و1971.
وكشفت فورين بوليسي عن أن كل الاتصالات بين الجانبين ظلت سرية، ورفضت الهند دائما جعلها علنية إلى حدود عام 1991، حين اتفق الطرفان على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة إثر مؤتمر مدريد.
وحصلت الهند على تكنولوجيا عسكرية متطورة من إسرائيل، وعام 2021 ثارت ضجة كبرى داخل الهند بعد ثبوت شرائها برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس” الذي استُغل في دول متعددة للتجسس على الحقوقيين والصحفيين، وهو ما طرح أسئلة بشأن جدية حكومة مودي في الاهتمام بالحريات المدنية، وحقوق المعارضين.
الجزيرة نت