يلعب الإعلام له دوراً هاماً في تغذية المجتمع بالمعلومات والحقائق، ويقدم للمواطن كل المستجدات أولاً بأول، مما يفيده في اتخاذ القرارات الهامة والمصيرية.
أيضاً له دور سلبي، حيث يعمل على اثارة النعرات الطائفية بين الشعوب ويعمل لصالح طرف دون الآخر، ولصالح جهة سياسية لتحقيق أهدافها، مما يؤثر بالسلب على الوضع العام داخل البلد والمنطقة.
اذاً كيف يرى بعض الإعلاميين اليمنيين دور الاعلام المحلي، واثره على المجتمع بشكل عام؟
ضغوطات على موظفي الاعلام
تقول عبير الغارَتي – مذيعة في قناة عدن الفضائية التابعة للحكومة الشرعية: “حقيقة الأمر إن الإعلام اليمني منذ بداية الحرب وحتى الآن مازال يحاول جاهداً في إيصال الرسالة الفعلية كما هي من قلب الحدث، عن وضع اليمن للمشاهد وللمجتمع ككل.
إلا أنه يواجه وبسبب الحزبية صعوبات شتى، فكل إعلامي يضطر أن يتحدث حسب استراتيجية وسياسة القناة التي يعمل بها، حتى وإن كانت على خطأ، والسبب في ذلك تعرض كل المذيعين وليس البعض، لضغوطات من إدارة القناة لنقل ما تريده، ونحن كـمذيعين نحتاج إلى الشفافية للحديث ونقل الصورة كما هي؛ ومن هنا أتى منطلق المقولة (الإعلامي كذاب)”.
تشاركها الرأي في ذلك المذيعة أ.ت وهي إعلامية في احدى القنوات فضلت عدم ذكر اسمها، وقالت: ” لو كنا في الوضع الطبيعي لكانت إجابتي مختلفة، لكن بعد ثمان سنوات من الحرب أستطيع أن أقول بأن الإعلام اليمني لم يقدم أو يؤخر كثيراً سلباً وإيجاباً، إضافة لسنوات الحرب فوسائل التواصل الاجتماعي تقوم بما يجب أن يقوم به الإعلام ذاته.
وما تقوم به وسائل الإعلام هو الدفع بوجهات نظر ملاكها – وهم بالتأكيد محسوبون على أحد أطراف الحرب، أو حتى لهم ميل لطرف ما- أو مموليها على أغلب الظن”.
دور الحرب على الاعلام
يرى البعض انه من خلال وسائل الإعلام يتم تنفذ حملات مضادة لكل من تسول له نفسه المساس بالوطن، وذلك من منطلق حب وانتماء وولاء، وبذلك قد يتم استخدام الاعلام للتحذير والتوعية سواء من جماعات معينة او جهات او افراد، ولكن يراه البعض انه يدعو الى بث الكراهية والعداء.
وصرح المحلل السياسي الدكتور فارس البيل لموقع ريفلكشن عربي بقوله: “الإعلام في كل المجتمعات صار هو الموجه الأبرز، ففي اليمن لعب الإعلام دورا قاصراً، إذ انخرط في حالة الاستقطاب السياسي والصراع، وأصبح الإعلام أداة من أدوات الحرب، والتحريض، والعنف النفسي، فغذى الكراهية، وزاد من حالة الاحتقان وعمق حالة التمايز”.
ويوضح البيل بقوله: “يمكن أن يكون هناك لكل طرف إعلامه، يتبنى أجنداته، ويعبر عن مواقفه، وهذا معلوم، لكن أن تنخرط بقية الوسائل الإعلامية كلها في حالة الصراع والاحتدام السياسي وحسب، فهو مؤشر على فقر المجتمع إعلاميا وثقافيا، وغياب النخبة والصوت العاقل الحكيم”.
وأضاف، “وجدنا وسائل التواصل في اغلبها مشحونة بالصراع وحده، ولم نشهد وسائل إعلامية تتخذ أدواراً أخرى إنسانية او تنموية او نفسية تعالج موجة الحرب وتجر الناس إلى مربعات السلام، وتحميهم من حالة الخصومة الشديدة.
كان يفترض أن تنشأ وسائل اعلام بما فيها الحكومية تنتهج مسارات أخرى، تهتم بإبعاد الناس عن أجواء الحرب والكراهية، وتنمي فيهم مشاعر التصالح والقبول بالآخر والانصراف للتنمية، وحماية الذات والعقل والثقافة والهوية من حالات التجريف والمسخ.
يحتاج مجتمع الحرب لإعلام تصالحي يعالج الإحتقانات السياسية والاجتماعية وحتى النفسية، ويفتح للناس آفاقا للأمل والنجاة والخروج من دائرة الخراب الى البحث عنما يمكن ان يبقي الامل موجودا، والحياة قابلة للإصلاح”.
وقال المذيع/ عبد الحافظ معجب في قناة الساحات الفضائية: “خلال فترات الحروب يتمترس الاعلام خلف المواقف السياسية ويستخدم كأداة حرب لا تقل عن الأدوات العسكرية المستخدمة في المعركة.
وبالتالي يمكن تشخيص الأدوار التي لعبها الاعلام اليمني من منطلق الخطاب الذي تبناه كل طرف من الأطراف المتصارعة، وكان خطاب الكراهية الموجه للمجتمع هو الخطاب السائد ولم تخفي الأطراف سلبيتها في الاعلام منذ بداية الحرب.
حيث حضرت كل مصطلحات التفرقة والتشرذم بين أبناء المجتمع الواحد ولم نرى خطاباً جامعاً موحداً لليمنيين، وانما كان ولازال الخطاب السائد هو اعلام الحرب، وهذه السلبية في الخطاب الإعلامي انعكست بشكل كلي على افراد المجتمع الذين فقدوا الامل واكتست حياتهم بألوان البؤس والخوف من المجهول.
ولا يمكن ان نلقي باللوم على طرف دون الأخر او نحمل طرف بعينه المسؤولية الكاملة لأن الجميع انتهج سياسة الحرب الإعلامية بين مهاجم ومدافع، ونتمنى ان تكون فرص السلام المتاحة حالياً مدخلاً للوصول الى خطاب اعلامي يمني موحد يداوي جراحات المجتمع الذي تأذى كثيراً خلال سنوات الحرب.