ارتفعت الحصيلة المؤقتة لضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شاسعة جنوب مراكش المغربية ليل الجمعة/ السبت، إلى 2122 قتيلا على الاقل حتى عصر الأحد، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية بينما تتواصل عمليات إنقاذ وإغاثة الناجين.
وقالت وزارة الداخلية المغربية يوم الأحد (العاشر من سبتمبر/ أيلول 2023) في بيان “في حصيلة مؤقتة، إلى حدود الساعة الرابعة عصرا (00:15 ت. غ)، بلغ عدد الوفيات الذي خلفته الهزة الأرضية 2122 شخصا، وعدد الجرحى 2421″. وسجلت أكبر حصيلة للضحايا في إقليم الحوز (1351) جنوب مراكش حيث تم تحديد بؤرة الزلزال.
ويمتد في معظمه على جبال الأطلس الكبير محتضنا العديد من القرى النائية في الغالب، وسط تضاريس وعرة، ومعظم بيوتها تقليدية لا تحترم شروط مقاومة الزلازل. وسجل تضرر أكثر من 18 ألف أسرة في هذا الإقليم من الزلزال، وفق ما أفادت قناة “ميدي 1 تي في” التلفزيونية العمومية، حيث نصبت خيام لإيوائها في المناطق المنكوبة.
الزلزال دمر قرى بأكملها
وأكدت وزارة الداخلية أن السلطات “تواصل جهودها لإنقاذ وإجلاء الجرحى والتكفل بالمصابين من الضحايا، وتعبئة كل الإمكانات اللازمة لمعالجة آثار هذه الفاجعة المؤلمة”. كما أشارت إلى تسجيل حصيلة كبيرة من الضحايا في إقليم تارودانت المجاور للحوز جنوبا، بـ492 قتيلا.
ولا تزال المملكة تحت صدمة الزلزال الأعنف من نوعه، والذي بلغت شدته 7 درجات على مقياس ريختر، حسب ما ذكر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني (6,8 حسب هيئة الزلازل الأميركية).
وبتث القنوات التلفزية المغربية الأحد صورا من الجو تظهر قرى دمر بعضها تماما، من بينها قرية تفغاغت الواقعة على بُعد حوالي 50 كيلومترا من بؤرة الزلزال، ونحو 60 كيلومترا جنوب غرب مراكش.
ونادرة هي الأبنية التي لا تزال قائمة فوق تراب هذه القرية الجبلية، وفق مراسلي وكالة فرانس برس. ولا يزال رجال الإنقاذ يسابقون الزمن للوصول إلى ناجين محتملين تحت الأنقاض. وقد تمكنوا من إجلاء جثة تحت ركام بيت محطم، فيما لا تزال أربع جثث أخرى تحت الركام، وفق شهادات من المكان.
التضاريس تعيق جهود الإنقاذ
ومازالت جهود إنقاذ الناجين وانتشال جثت الموتى متعثرة لليوم الثاني على التوالي على إثر الزلزال المدمر، الذي ضرب المغرب ليلة الجمعة/ السبت، حيث وجدت السلطات صعوبة بالغة في الوصول إلى كافة المناطق المتضررة الموزعة على مساحات شاسعة في الجبال الممتدة بين مدن مراكش وأكادير وتارودانت.
وفي مقابلة مع DW ذكرت أنيا هوفمان، رئيسة مكتب مؤسسة هاينريش بول الألمانية في الرباط، والتي زارت المناطق المنكوبة: “هذه الأماكن بعيدة جدا ومن الصعب الوصول إليها. الطرق هناك ضيقة جدا، فحتى في الظروف العادية، يستغرق الناس حوالي ثلاث إلى أربع ساعات للوصول إلى مستشفى مجهز بشكل جيد نسبيا. لذلك يمكنكم تخيل كيف هو الوضع الآن، عندما تكون الطرق مغلقة. يصبح الوصول صعبا جدا”.
وأضافت هوفمان، أن هناك تضامنا واسعا في المغرب، موضحة: “السكان المحليون يتساءلون على وسائل التواصل الاجتماعي لماذا استغرقت الحكومة وقتاً طويلاً لدعوة فرق الإنقاذ الدولية إلى البلاد للملاحظة، لكن الأمر على أرض الواقع مختلف. فهناك العديد من عروض المساعدة والتضامن بين المغاربة، وكانت هناك أمس حملة ضخمة للتبرع بالدم، وكانت الاستجابة مثيرة للإعجاب”.
وحتى منتصف اليوم الأحد، مازال المغربي إبراهيم إدمو القاطن بمدينة مراكش يبحث عن سبيل لبلوغ قرية تلات نيعقوب إحدى أكثر القرى المتضررة بإقليم الحوز جنوب مراكش، فأقصى مدى يمكن أن تبلغه السيارات هو قرية كندافة.
وتتبقى مسافة لا تقل عن 10 كيلومترات يضطر إبراهيم إدمو رفقة بعض أصدقائه إلى قطعها على متن الدواب أو الدراجات النارية، فالانهيارات الصخرية والترابية جعلت بلوغ أقاصي الجبال أمرا مستحيلا في غياب طائرات ومروحيات.
وقال إبراهيم، لوكالة الأنباء الألمانية (د .ب .أ)، إن الوضع كارثي ولا يمكن وصفه، فالكثير من الناس لا يزالون تحت الأنقاض حتى منتصف اليوم الأحد والناجون معزولون عن العالم بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد بطاريات الهواتف.
وأضاف “زرت القرية يوم أمس وأنا في طريقي إليها من جديد أحمل المياه والأكل والأدوية لإيصالها للمتضررين والناجين الذين باتوا ليلتهم الثانية في العراء. الناجون يزيلون الأنقاض بوسائلهم البسيطة ببطء شديد. زرتهم بالأمس واليوم أنا قادم لمد يد المساعدة للمنكوبين”.
ع.ش/ أ.ح (أ ف ب، د ب أ)