عقب إعلان النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية في الغابون، التي أُجريت في 26 أغسطس/آب وكرست فوز الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة، أعلن عسكريون اليوم الأربعاء إنهاء النظام القائم في البلاد.
لكن اسم “بونغو” في الذاكرة الجمعية لشعب الغابون لا يحمل فقط مرادفًا لرئيس، وإنما لعائلة كاملة، استطاعت أن تهيمن على مقاليد الحكم في البلاد لعقود.
آل بونغو
حكم ثلاثة رؤساء فقط الغابون منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، وقادها عمر بونغو أونغيمبا أكثر من 41 عامًا، حتى انتخاب ابنه علي بعد وفاته عام 2009.
كان عمر بونغو، الذي يحظى باحترام لوساطاته في أزمات إفريقية عديدة، العمود الفقري لما يسمّى “إفريقيا الفرنسية”، وهو نظام العلاقات السياسية والتجارية القائمة بين باريس ومستعمراتها السابقة في القارة السمراء.
وفور وصوله إلى الحكم، نأى ابنه علي بنفسه ظاهريًّا عن القوة الاستعمارية السابقة، إلا أن 9 من أبنائه الآخرين متهمون في تحقيق يجريه القضاء الفرنسي منذ 2010 بشأن “مكاسب غير مشروعة”، وهي عقارات تم شراؤها في فرنسا بأموال عامة مختلَسة من الغابون.
وكانت باسكالين، إحدى بنات عمر بونغو، تقيم علاقة بأسطورة الريغي (بوب مارلي) الذي دعته ليؤدي عرضًا في الغابون بمناسبة عيد ميلاد والدها، وكان ذلك من أوائل العروض التي أداها المغنّي الجامايكي في إفريقيا في يناير/كانون الثاني عام 1980.
انتُخب علي بونغو (64 عامًا) في 2009، بعد وفاة والده عمر بونغو أونغيمبا الذي حكم هذا البلد الصغير الواقع في وسط إفريقيا والغني بالنفط أكثر من 41 عامًا. ونددت المعارضة بانتظام بتواصل حكم “سلالة بونغو” أكثر من 55 عامًا.
وكان علي بونغو مرشحًا لولاية ثالثة خُفضت من 7 إلى 5 سنوات، في انتخابات السبت التي شملت ثلاثة اقتراعات رئاسية وتشريعية وبلدية كلها في دورة واحدة.
لحظة بلحظة.. آخر التطورات في #الغابون https://t.co/ecqjoN8kzm
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) August 30, 2023
اعتناق الإسلام
وُلد علي بونغو أونديمبا في 9 من فبراير/شباط 1959 في برازافيل عاصمة جمهورية الكونغو لأكبر أسرة سياسية في البلاد، وعقّب أكثر من 30 ولدًا وبنتًا.
تغيَّر اسمه من ألان برنار إلى “علي” واسم والده إلى “عمر” عام 1973، بعد اعتناقهما الإسلام، ووصف البعض هذا التحول بأنه “وسيلة لجذب الاستثمارات من الدول الإسلامية”.
أظهر بونغو الابن اهتمامًا بالعمل السياسي في بداية شبابه قبل إكمال دراسته الجامعية، فبدأ منذ عام 1981 ينشط في صفوف الحزب الديمقراطي الغابوني الحاكم الذي أسّسه بونغو الأب. وإثر عودته من فرنسا بعد تخرجه، قرّبه والده منه فمنحه صفة الممثل الشخصي للرئيس، ثم عيَّنه بعد ذلك ممثلًا ساميًا لرئيس الجمهورية.
أُسنِدت إليه وزارة الشؤون الخارجية عام 1989، وأعفي منها عام 1991 بعد إقرار دستور جديد للبلاد يمنع من هم دون سن 35 عامًا من تقلد مناصب وزارية.
عاد إلى الحياة السياسية الحزبية بعد مغادرته للحكومة، فتزعم تيارًا شبابيًّا يدعو إلى التجديد داخل الحزب الحاكم، وانتُخب سنة 1996 نائبًا بالجمعية الوطنية (البرلمان) عن دائرة بونغو فيل (جنوب شرقي البلاد)، وأعيد انتخابه للمقعد مرتين في دورتي 2001 و2006.
تولى منصب وزير الدفاع بين عامي 1999 و2009، ويرى مراقبون أنه أدى دورًا كبيرًا من موقعه ذلك في تحييد المؤسسة العسكرية عن العملية السياسية، وذلك بغية تأمين وصوله إلى قمة السلطة خليفة لبونغو الأب.
عاجل | ضباط بجيش الغابون بعد إعلان سيطرتهم على السلطة: نعلن وضع حد للنظام الحالي وإلغاء نتائج الانتخابات وإغلاق حدود البلاد#الجزيرة_مباشر #الغابون pic.twitter.com/y0Bd5twh8z
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) August 30, 2023
وراثة العرش
وإثر وفاة والده عام 2009، اعتمده الحزب الحاكم مرشحًا له بعد تصدّره نتائج الانتخابات الأولية للحزب، وانتُخب رئيسًا في الانتخابات الرئاسية بنسبة تزيد على 41%، حيث يمنح القانون الانتخابي المرشح الأكثر أصواتًا في الجولة الأولى الفوز بكرسي الرئاسة.
وفي عام 2010، تداول الغابونيون شريط فيديو يتضمن مراسم تنصيب علي بونغو “حبرًا أعظم” للماسونيين في الغابون، رغم أنه سبق أن انتُخب عام 1996 رئيسًا للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البلاد.
أعلن بونغو الابن التخلي عن حصته من ميراث أبيه لصالح الشعب الغابوني، وتنازل عن فندقين في فرنسا كانا ضمن هذه الحصة لصالح الدولة الغابونية.
ويُتهم بأنه اتسعت ممارسات الفساد في فترة حكمه، وأوقفت السلطات الفرنسية مدير ديوانه بتهمة تلقي رشى من شركة أجنبية مقابل منحها صفقة، وقد أثارت الحادثة توترًا في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
فشل علي بونغو في الحفاظ على كسب الموقف الفرنسي لصالحه، خلافًا لبونغو الأب الذي احتفظ بعلاقات وثيقة مع باريس، وتجلى ذلك في تصريح لرئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أوائل 2016، سخر فيه من طريقة انتخاب بونغو عام 2009، فاستدعت الغابون سفيرها في فرنسا احتجاجًا على هذا التصريح.
أعيد انتخابه في الانتخابات الرئاسية التي نُظمت يوم 27 أغسطس/آب 2016، بعد إعلان نجاحه بفارق ضئيل على منافسه مرشح المعارضة الرئيسي جان بينغ، وقد أثار إعلان النتائج أحداث عنف في البلاد بسبب اعتراض بينغ وأنصاره على النتائج.
في أكتوبر/تشرين الأول 2018، تعرّض لجلطة دماغية أضعفته بدنيًّا، وصار يعاني صعوبات كبيرة في الحركة والنطق، وبقي 10 أشهر دون ظهور علني.
وفي الانتخابات التي جرت في 26 أغسطس/آب 2023، كان بونغو يستعد لبدء فترة رئاسية ثالثة عقب إعلان لجنة الانتخابات فوزه في الاقتراع، قبل أن يعلن عسكريون رفضهم نتائج الانتخابات وحلَّ مؤسسات الدولة.
حصل بونغو على 64.2% من الأصوات، متقدمًا على مرشح المعارضة ألبيرونتو أوسا الذي حصل على 30.7%، بعد اقتراع شهد تأجيلات وطعنت المعارضة في نتائجه.
المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات