“وصلنا إلى النهاية، وصلنا إلى الفقر حتى الإغاثة ضيعوها”، هكذا وصف المواطن اليمني قائد فاضل حالته وأطفاله الخمسة وهو يعيش مع أسرته داخل محل تجاري (دكان) بعد نزوحهم من منزلهم في حي القصر الجمهوري شرقي مدينة تعز.
يعاني اليمنيون من النزوح منذ بداية الحرب في 2014 حيث نزح أكثر من أربعة ملايين من قراهم ومساكنهم تاركين خلفهم كل ممتلكاتهم ومصادر دخلهم وذهبوا إلى المجهول.
البعض منهم سكن الجبال ليعيشوا في داخل مخيمات والبعض الآخر عاشوا داخل محلات تجارية لا تصلح للسكن نظرًا لارتفاع أسعار الشقق إلى أكثر من 100 دولار.
تقول نازحة تسكن في أحد الدكاكين “الناس ميتين جوع، والله عالم بأننا نقسم العلبة الزبادي ليومين، ولم نستلم أي إغاثات منذ 4 أشهر”. وأضافت “وعدونا بأن يعطونا أرز لكن الذي معه أطفال، هل يأكلون الأرز فقط؟ عيشتنا عيشة كلاب يا بني”.
وأجابت على سؤال مراسل الجزيرة مباشر بشأن أمنياتهم، فقالت “نتمنى أن نأكل لقمة عيش، وأن نستطيع توفير إيجار الدكان لأننا نواجه صعوبة في تسديد الإيجار”.
وكان فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة قد قال إن خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2022، مُولت بنسبة 26% فقط مما يجبر البرامج الأساسية على التقليص أو الإغلاق تمامًا وهو ما يعرّض حياة الملايين للخطر.
وضاعف ذلك من معاناة النازحين إذ إن بعضهم انقطعت عنهم المساعدات بشكل كامل ومع قلة فرص العمل اضطر بعض النازحين إلى تقليص عدد الوجبات اليومية إلى وجبة واحدة.
يرد قائد فاضل -وهو أحد النازحين- على سؤال المراسل بشأن طبيعة الحياة اليومية داخل المحل التجاري، بقوله “وصلنا إلى النهاية، إلى الفقر، حتى الإغاثة ضيعوها”.
وتابع “أصبحت السلة الغذائية التي كانت تقدم وقيمتها تساوي 90 ألف ريال (70 دولارًا)، عبارة عن قطمة رز لا تزيد قيمتها عن 10 آلاف ريال (8 دولارات)، متسائلًا “هل نموت من الجوع انا وأطفالي الخمسة؟”.
وأضاف “الأعمال متوقفة، ونشتري خبز الروتي بألف ريال ولا يكفيني أنا والأطفال لوجبة واحدة”.
وتقول زوجته “الديون تراكمت علينا، وزوجي سقط من الطابق الثالث ولا يستطيع حمل أي شيء ثقيل الأمر الذي قلل من فرصة حصوله على عمل، كما لم يمضِ على وضع مولودي أسبوعين، لكن لا يتوفر لدينا أرز أو سكر أو دقيق في المنزل”.
وفي النهاية صرخت “والله العظيم معي خمسة أطفال نموت من الجوع، أستلف قيمة نصف كيلو أرز ألف ريال أو كيلو دقيق وما يكفيني أنا والأطفال”.
وتسيطر القوات الموالية للحكومة على وسط مدينة تعز، بينما يُحكِم الحوثيون سيطرتهم على ضواحيها الشرقية والشمالية والغربية بما في ذلك المنافذ الرئيسية للمدينة التي تحيط بها المرتفعات الجبلية من الجنوب ما يجبر المواطنين على عبور الجبال سيرا والاعتماد على المواشي في نقل الأدوية والمواد العاجلة الأمر الذي اعتبره ناشطون بمثابة “حصار لعقاب المدنيين وتجويعهم”.
وتتضاعف المعاناة لدى مرضى السرطان والفشل الكلوي الذين يترددون من الأرياف على مستشفيات المدينة للعلاج، ويُرغمون على قطع تلك الطرق الوعرة، كما باتت المعيشة في المدينة مكلفة ومجهدة وارتفعت الأسعار بسبب زيادة كلفة النقل. وانتهت مفاوضات قادتها الأمم المتحدة في 2022 إلى مقترح لإعادة فتح الطرق تدريجيًا في تعز.
المصدر : الجزيرة مباشر