شكل الاتفاق التاريخي لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين الخصمين إيران والمملكة العربية السعودية برعاية الصين، انتصاراً لبكين التي أدى نفوذها المتزايد في الشرق الأوسط إلى إنجاز كبير لجهودها الرامية لترسيخ مكانتها كقوة دبلوماسية رائدة.
وقالت مجلة نيوزويك الأمريكية، إن ما يمكن أن يحدث بعد ذلك، كما يأمل الخبراء والمسؤولون في الصين وإيران والمملكة العربية السعودية وحتى الولايات المتحدة، هو تقدم ملموس نحو إنهاء الحرب المدمرة في اليمن، والتي تعتبرها الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وأضافت المجلة -في تقرير لها أن “هذا التعاون يمكن أن يلعب دورًا رئيسيًا ليس فقط في تهدئة التوترات، ولكن أيضًا في تحقيق التقدم في الحرب الأهلية التي استمرت تسع سنوات في اليمن”.
وانتهت الهدنة الهشة التي تم التوصل إليها العام الماضي في أكتوبر/تشرين الأول، وبينما لم يتصاعد القتال بعد، فإن خطر اندلاع أعمال عنف جديد يلوح في الأفق بشدة على دولة تعاني من عدد من الأزمات الاقتصادية والإنسانية والسياسية المتداخلة.
ومع تعامل إيران والسعودية مع بعضهما البعض مباشرة مرة أخرى، توقع المسؤولون الإيرانيون مزيدًا من التقدم نحو إنهاء الصراع باليمن.
وقالت البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة لمجلة نيوزويك، إن “العلاقة بين إيران والسعودية مهمة على ثلاثة مستويات: ثنائية وإقليمية ودولية”، مؤكدة أن “استئناف العلاقات السياسية بين البلدين سيفيد المجالات الثلاثة بما في ذلك المنطقة والعالم الإسلامي”.
وأضافت البعثة: “يبدو أن استئناف العلاقات السياسية سيسرع من تطورات ملف اليمن من أجل وقف إطلاق النار وبدء الحوارات اليمنية اليمنية وتشكيل حكومة وطنية شاملة”.
ورأى محمد الحامد، المحلل الجيوسياسي ورئيس مجموعة النخبة السعودية، “دورًا أكبر للصين في الانخراط في النزاعات المعقدة التي ابتليت بها المنطقة”.
وقال إن “الصين شريك مهم للسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي خاصة في المصالح الاقتصادية”. وأضاف “هذه الوساطة تؤكد أن الصين تريد دعم اقتصادها ومكانتها في الشرق الأوسط”.
وأشار الحامد إلى أن “السعودية ستراقب وتراقب التزام إيران بالاتفاق في غضون شهرين قبل إعادة العلاقات الدبلوماسية”.
واستدرك: “إذا احترمت إيران الصفقة، فيمكننا أن نشهد ونصل إلى سلام في اليمن ونحرر العالم العربي من تهديد المليشيات الإرهابية الإيرانية”.
وردا على أسئلة طرحها الصحفيون خلال مؤتمر صحفي افتراضي يوم الجمعة، قال منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي الامريكي جون كيربي “إنه لم يتبق أن نرى ما إذا كان الإيرانيون سيحترمون جانبهم من الصفقة”.
وأضاف “هذا ليس نظاما يحترم كلمته عادة؛ لذلك، نأمل أن يفعلوا ذلك، نود أن نرى هذه الحرب في اليمن تنتهي، وأن هذا الاتفاق الذي توصلوا إليه قد يساعدنا في الوصول إلى هذه النتيجة”.
في النهاية، قال كيربي إن إدارة بايدن “ستدعم أي جهد لتهدئة التوترات هناك في المنطقة، على الرغم من أنه سيرفض بشدة هذه الفكرة القائلة بأننا نتراجع في الشرق الأوسط”.
وقال شين شيوي، الصحفي والمحلل الذي يتمتع بخلفية في التعاملات التجارية الصينية في إفريقيا والشرق الأوسط، لمجلة نيوزويك، إن إدراك بكين لاستئناف العلاقات بين طهران والرياض هو تغيير جذري للمنطقة، مع الأمل في إحراز تقدم ليس فقط في اليمن، ولكن أيضًا في سوريا، التي تدخل الآن عامها الثالث عشر من الحرب الأهلية.
وأضاف شن إن “استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران يمثل علامة فارقة تاريخية للسلام فيالمنطقة وخاصة بالنسبة لليمن وسوريا والتوترات بشأن المحادثات النووية الإيرانية المتعثرة”.