أعلنت شركة النفط البريطانية العملاقة “بريتيش بتروليوم” (بي بي) تعليق عبور جميع سفنها في البحر الأحمر، في أعقاب قرارات مماثلة صدرت عن عدد من كبرى شركات النقل البحري في العالم، الجمعة والسبت، إثر الهجمات التي ينفذها الحوثيون اليمنيون على السفن التجارية العابرة لمضيق باب المندب وترتبط بإسرائيل، وذلك تضامنًا مع غزة المحاصرة في ظل الحرب الإسرائيلية الجارية على القطاع.
وقالت الشركة في بيان اليوم الاثنين “نظرًا لتدهور الوضع الأمني للنقل البحري في البحر الأحمر، قررت شركة بريتيش بتروليوم تعليق جميع عمليات النقل عبر البحر الأحمر مؤقتًا”.
وأضافت المجموعة أن “أمان وسلامة زملائنا الذين يعملون باسمنا هما أولوية بي بي”، مشيرة إلى أنها ستراجع هذا القرار بصورة متواصلة “على ضوء الظروف بموازاة تطورها في المنطقة”.
كما أعلنت شركة الشحن البحري التايوانية “يانغ مينغ” أنها ستحوّل مسار سفنها المبحرة عبر البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح خلال الأسبوعين المقبلين مع تصاعد الهجمات على السفن.
وأضافت في إشعار للعملاء “بالنسبة لسفننا التي تبحر حاليًّا أو من المحتمل أن تبحر عبر منطقة بحرية شديدة الخطورة في الأسبوعين المقبلين، فقد تقرر تحويلها فورًا إلى رأس الرجاء الصالح أو الانتظار في مكان آمن”.
وقالت “سنواصل مراقبة الوضع عن كثب في المنطقة عالية المخاطر، وسنُجري تعديلات فورية للتكيف فيما يتعلق بسفننا ومساراتنا استجابة للتغيرات في الوضع، مما يضمن سلامة النقل”.
وفي الأيام الأخيرة، أعلنت شركات (ميرسك) الدنماركية و(هاباغ لويد) الألمانية و(سي إم إيه سي جي إم) الفرنسية و(إم إس سي) الإيطالية السويسرية تعليق عبور سفنها البحر الأحمر “حتى إشعار آخر” أو حتى يصبح الممر البحري “آمنًا”.
ارتفاع أسعار النفط
وصعدت أسعار النفط الخام العالمية في التعاملات المبكرة، اليوم الاثنين، وسط توترات في البحر الأحمر، وتعليق عمل شركات شحن بحرية، مع نهاية الأسبوع الماضي.
وصعدت أسعار العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت، تسليم فبراير/شباط، بنسبة 0.88% أو 73 سنتًا إلى 77.6 دولارًا للبرميل.
كما زادت أسعار العقود الآجلة للخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط، تسليم يناير/كانون الثاني، بنسبة 0.65% أو51 سنتًا إلى 72.34 دولارًا للبرميل.
وفي الأسابيع الأخيرة، كثف الحوثيون هجماتهم قرب مضيق باب المندب، الممر الإستراتيجي للنقل البحري إذ يفصل شبه الجزيرة العربية عن إفريقيا وتمر عبره 40% من التجارة الدولية.
وأكد الحوثيون أنه لن يتم استهداف السفن قبالة اليمن إذا استجابت لتوجيهاتهم، لكن السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية “ستُمنع من الإبحار في البحر العربي والبحر الأحمر حتى دخول الغذاء والدواء التي يحتاج إليها إخواننا في غزة”.
وقد أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، في وقت مبكر اليوم الثلاثاء، عن تشكيل قوة متعددة الجنسيات لحماية التجارة بالبحر الأحمر في أعقاب هجمات شنها الحوثيون على سفن متجهة إلى إسرائيل.
وقال أوستن -في بيان خلال زيارته البحرين التي تضم مقر الأسطول الأميركي الخامس– إن الدول المشاركة في القوة هي بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا، مضيفا أنها ستنفذ دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن ضمن ما أطق عليها عملية “حارس الازدهار”.
وتابع الوزير الأميركي أن القوة الجديدة تهدف إلى ضمان حرية الملاحة وتعزيز الأمن الإقليمي، واعتبر أوستن أن ما وصفه بتصعيد الحوثيين يهدد التدفق الحر للتجارة وينتهك القانون الدولي.
وكان وزير الدفاع الأميركي قال أمس الاثنين في مؤتمر صحفي تل أبيب بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن على إيران الكف عن دعم هجمات الحوثيين على سفن تجارية في البحر الأحمر.
وأعلن أوستن أنه سيلتقي اليوم الثلاثاء وزراء دفاع عدد من دول المنطقة لبحث كيفية التعامل مع التهديد الذي يفرضه الحوثيون على الملاحة في البحر الأحمر، قائلا إنه يتطلع لتشكيل تحالف دولي لضمان أمن الملاحة البحرية.
وكان موقع بلومبيرغ نقل عن مسؤول أميركي أن البيت الأبيض يتواصل مع جماعة الحوثيين عبر سلطنة عمان وبعض الوسطاء الآخرين، ويحثهم على وقف هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر.
كما نقل بلومبيرغ عن متحدث باسم الحوثيين تأكيده وجود هذه الاتصالات، لكنه قال إن الجماعة ستستمر في هجماتها حتى توقف إسرائيل العدوان على غزة.
هجمات بالبحر الأحمر
ويأتي الإعلان عن القوة متعددة الجنسيات بعد ساعات من إعلان الحوثيين أنهم استهدفوا المزيد من السفن في البحر الأحمر وباب المندب، كما يأتي بعد تهديدات أميركية وإسرائيلية بالرد عسكريا على هجمات جماعة الحوثي.
وقد أعلنت القيادة الوسطى الأميركية أن الحوثيين نفذوا أمس الاثنين هجومين جديدين على ناقلة نفط وسفينة شحن في جنوب البحر الأحمر.
من جهتها، قالت الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن ندد في اتصال بوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بهجوم الحوثيين على سفينتين جنوب البحر الأحمر.
وكان الناطق العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع قال أمس الاثنين إن قواتهم نفذت عملية عسكرية نوعية ضد سفينتين لهما ارتباط بإسرائيل.
وأضاف، في حسابه على منصة إكس (تويتر سابقا)، أن الأولى سفينة “سوان أتلانتك” وهي محملة بالنفط، والأخرى سفينة “إم إس سي- كلارا” وتحمل حاويات، وقد تم استهدافهما بطائرتين بحريتين.
كما أكد استمرار الجماعة في منع جميع السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية أيا كانت جنسيتها من الملاحة في بحر العرب والبحر الأحمر حتى إدخال ما يحتاجه السكان في قطاع غزة من غذاء ودواء.
وقد دفعت هجمات الحوثيين شركات شحن عالمية إلى وقف عملياتها في البحر الأحمر وباب المندب، وغيرت بعض هذه الشركات مسار سفنها وناقلاتها مؤقتا عبر رأس الرجاء الصالح.