تتميز مدينة القيروان عن سائر المدن التونسية الأخرى بطابع خاص في احتفالها بالمولد النبوي كل عام، ممّا يجعلها وجهة لآلاف الزوّار طلبا للنفحات الدينية، ومعايشة الأجواء الفريدة بالمدائح والأذكار. كما جرت العادة أن تتبادل الأسر القيروانية الأطباق والحلويات وخصوصاً “المقروض” الذي تختص به المنطقة.
تدخل المدينة في حركية كبيرة لاستقبال المولد والاحتفاء بزوّارها، وتبدو الأجواء روحانية بامتياز، خاصة في محيط “جامع عقبة بن نافع”، أحد أقدم المساجد في شمال إفريقيا (بني سنة 670 ميلادي)، حيث يُتلى القرآن ويتم الإعلان عن نتائج مسابقة حفظ الأحاديث النبويّة.
كما تتعالى أصوات الأذكار الدينية، وتفوح رائحة البخور، وتُسمع المدائح التي تتغنى بالرسول، وتجوب فرق الإنشاد الصوفي الشوارع والساحات.
وتتضمن هذه المناسبة الدّينيّة التي يحتفي بها السكّان، حركة اقتصادّية نشطة، كما تشهد إحياء عادات وتقاليد خاصة، ومن بينها تزيين المعالم الإسلامية التي تزدان بها المدينة وإعداد الحلويات الشعبية.
وقد نظمت جمعية “القيروان مدينتي” مسابقة في صنع حلويات “المقروض”، وتبارت النسوة والفتيات في صنع هذه الحلويات القيروانية الأصيلة التي تعتبر علامة بارزة في التراث الثقافي للقيروان.
وممّا أضفى طابعاً خاصا على هذه التظاهرة، ارتداؤهن للأزياء التقليدية وما صاحب هذه العملية من أناشيد صوفية.
يسمى المقروض “حلويات الأغالبة” نسبة لدولة الأغالبة في القيروان، ويُصنع من السميد المحشو بالتمر الذي يٌقلى، قبل غمس المعجنات في القَطر وماء زهر البرتقال، وقد تضاف إليه بعض الفواكة الجافة المرحية مثل اللوز أو السمسم.
وشعبياً، يتم كذلك توزيع طبق العصيدة التقليدي الشهير الذي يُعدّ خصيصا بهذه المناسبة، والعصيدة تطبخ من دقيق القمح ويضاف إليها زيت الزيتون ثم يرش عليها السكر. وأحياناً تزاحمها عصيدة “الزقوقو” المصنوعة من ثمار الصنوبر الحلبي.
وتتفنن ربات البيوت في تزيين هذه الأطباق وتوزيعها على الجيران والأهل.
وككل عام تتجه الأنظار كذلك إلى مقام الصحابي “أبي زمعة البلوي”، حيث تتبارى فِرق الإنشاد الصوفي وفرق “العيساويّة” و”السّلاميّة”.